السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (14)

{ ولنسكننكم الأرض } ، أي : أرضهم { من بعدهم } ، أي : بعد هلاكهم ونظيره قوله تعالى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها } [ الأعراف ، 137 ] وقوله تعالى : { وأورثكم أرضهم وديارهم } [ الأحزاب ، 27 ] . قال الزمخشري : وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم «من آذى جاره ورثه الله داره » . قال : ولقد عاينت هذا في مدّة قريبة كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا فيها ويؤذيني فيه فمات ذلك العظيم ، وملكني الله ضيعته ، فنظرت يوماً إلى أبناء خالي يتردّدون ، منها ويأمرون وينهون فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثتهم به وسجدنا شكراً لله تعالى .

{ ذلك } ، أي : النصر وإيراث الأرض { لمن خاف مقامي } ، أي : موقفي وهو موقف الحساب ؛ لأنّ ذلك الموقف موقف الله الذي يوقف فيه عباده يوم القيامة ونظيره { وأمّا من خاف مقام ربه } [ النازعات ، 40 ] وقوله تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } [ الرحمن ، 46 ] وقيل : { ذلك لمن خاف مقامي } ، أي : خافني ، فالمقام مقحم مثل ما يقال : سلام على المجلس العالي والمراد السلام على فلان { وخاف وعيد } قال ابن عباس : ما أوعدت من العذاب ، وهذا يدل على أنّ الخوف من الله غير الخوف من وعيده ؛ لأنّ العطف يقتضي المغايرة .