البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (14)

وأي إخراج أعظم من الإهلاك ، بحيث لا يكون لهم عودة إليها أبداً ، وعلى إسكان الرسل ومن آمن بهم وذرياتهم أرض أولئك المقسمين على إخراج الرسل .

قال ابن عطية : وخص الظالمين من الذين كفروا ، إذ جائز أنْ يؤمن من الكفرة الذين قالوا المقالة ناس ، وإنما توعد لإهلاك من خلص للظلم .

وقال غيره : أراد بالظالمين المشركين ، قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } والإشارة بذلك إلى توريث الأرض الأنبياء ومن آمن بهم بعد إهلاك الظالمين كقوله تعالى : { والعاقبة للمتقين } ومقام يحتمل المصدر والمكان .

فقال الفراء : مقامي مصدر أضيف إلى الفاعل أي : قيامي عليه بالحفظ لأعماله ، ومراقبتي إياه لقوله : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } وقال الزجاج : مكان وقوفه بين يدي للحساب ، وهو موقف الله الذي يقف فيه عباده يوم القيامة كقوله تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } وعلى إقحام المقام أي لمن خافني .