وقرأ أبو حيوة " ليُهْلِكنَّ " و " ليُسْكِننَّكُمْ " بياء الغيبة مناسبة لقوله : " ربُّهُمْ " والمراد بالأرض : أرض الظالمين ، وديارهم ، وأموالهم وقال -عليه الصلاة والسلام- : " مَنْ أذَى جَارهُ ورَّثُه اللهُ دارهُ " وهذه الآية تدلُّ على أن من يتوكل على الله في دفع عدوه كفاه الله أمر عدوه .
قوله : { ذلك لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } " ذلِكَ " مبتدأ ، وهو مشار به إلى توريث الأرض ، و " لمَنْ خَافَ " هو الخبر ، و " مَقامِي " فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مقحم ، وهو بعيد ؛ إذ الأسماء لا تقحم .
الثاني : أنه مصدر مضاف للفاعل .
قال الفراء : " مَقامِي " مصدر مضاف لفاعله أي : مقامي عليه بالحفظ .
قال الزجاج : " مكان وقوفه بين يدي الحساب ، كقوله تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } [ الرحمان : 46 ] فأضاف قيام العبد إلى نفسه ، كقولك : نَدِمْتُ على ضَربِكَ ، أي : على ضَرْبِي إيَّاك ، و " خَافَ وعِيدِ " أي : عقابي ، أثبت الياء هنا ، وفي " ق " في موضعين : { كُلٌّ كَذَّبَ الرسل فَحَقَّ وَعِيدِ } ، { فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ ق : 45 ] وصلاً ، وحذفها وقفاً{[19174]} ورش ، والباقون وصلاً ووقفاً " .
الأول : موقفي وهو موقف الحساب ؛ لأنَّه الذي يقف فيه العباد يوم القيامة ، كقوله تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } [ النازعات : 10 ] .
الثاني : أن المقام مصدر كالقيام ، يقال : قَامَ قِيَاماً ، ومقَاماً ، أي : لمن خاف مقامي ، أي : مقام العباد عندي ، وهو من باب إضافة المصدر إلى المفعول .
الثالث : لمن خاف مقامي ، أي : لمن خافني ، وذكر المقام هنا ، كقولك سلامٌ على المَجْلسِ الفُلاني ، والمراد : السَّلام على فلان .
قوله : { وَخَافَ وَعِيدِ } قال الواحدي : الوعيد اسمٌ من أوْعَد إيعَاداً وهو التَّهديد .
قال ابن عباس : خاف ما أوعدت من العذاب{[19175]} .
وهذا الآية تدلُّ على أنَّ الخوف من الله -تعالى- غير الخوف من وعيده ؛ لأن العطف يقتضي المغايرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.