{ مّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً } . .
يعني جلّ ثناؤه بقوله : { ما يَفْعَلُ اللّهُ بَعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ } : ما يصنع الله أيها المنافقون بعذابكم ، إن أنتم تبتم إلى الله ورجعتم إلى الحقّ الواجب لله عليكم ، فشكرتموه على ما أنعم عليكم من نعمه في أنفسكم وأهاليكم وأولادكم ، بالإنابة إلى توحيده والاعتصام به ، وإخلاصكم أعمالكم لوجهه ، وترك رياء الناس بها ، وآمنتم برسوله محمد صلى الله عليه وسلم فصدّقتموه وأقررتم بما جاءكم به من عنده فعملتم به . يقول : لا حاجة بالله أن يجعلكم في الدرك الأسفل من النار إن أنتم أنبتم إلى طاعته وراجعتم العمل بما أمركم به وترك ما نهاكم عنه¹ لأنه لا يجتلب بعذابكم إلى نفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرّا ، وإنما عقوبته من عاقب من خلقه جزاء منه له على جراءته عليه وعلى خلافه أمره ونهيه وكفرانه شكر نعمه عليه . فإن أنتم شكرتم له على نعمة وأطعتموه في أمره ونهيه ، فلا حاجة به إلى تعذيبكم ، بل يشكر لكم ما يكون منكم من طاعة له وشكر ، بمجازاتكم على ذلك بما تقصر عنه أمانيكم فلم تبلغه آمالكم . { وكَانَ اللّهَ شَاكِرا } لكم ولعباده على طاعتهم إياه باجزاله لهم الثواب عليها ، وإعظامه لهم العوض منها . { عَلِيما } بما تعملون أيها المنافقون وغيركم من خير وشرّ وصالح وطالح ، محصٍ ذلك كله عليكم محيط بجميعه ، حتى يجازيكم جزاءكم يوم القيامة ، المحسن بإحسانه والمسيء باساءته . وقد :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { ما يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ وكانَ اللّهُ شاكِرا عَلِيما } قال : إن الله جلّ ثناؤه لا يعذّب شاكرا ولا مؤمنا .
{ ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم } أيتشفى به غيظا أو يدفع به ضررا أو يستجلب به نفعا وهو الغني المتعالي عن النفع والضر ، وإنما يعاقب المصر بكفره لأن إصراره عليه كسوء مزاج يؤدي إلى مرض فإذا أزاله بالإيمان والشكر -ونفى نفسه عنه- تخلص من تبعته ، وإنما قدم الشكر لأن الناظر يدرك النعمة أولا فيشكر شكرا مبهما ، ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به . { وكان الله شاكرا } مثيبا يقبل اليسير ويعطي الجزيل . { عليما } بحق شكركم وإيمانكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.