الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا} (147)

قوله تعالى : { مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } : في " ما " وجهان ، أحدهما : أنها استفهامية فتكون في محل نصب ب " يفعل " وإنما قُدِّم لكونه له صدر الكلام . والباءُ على هذا سببيةٌ متعلقةٌ ب " يفعل " ، والاستفهام هنا معناه النفي ، والمعنى : أنّ الله لا يفعل بعذابكم شيئاً ؛ لأنه لا يجلب لنفسِه بعذابِكم نفعاً ولا يدفع عنها به ضراً ، فأيُّ حاجة له في عذابكم ؟ والثاني : أن " ما " نافية كأنه قيل : لا يعذبكم الله ، وعلى هذا فالباء زائدة ولا تتعلق بشيء . وعندي أن هذين الوجهين في المعنى شيءٌ واحدٌ ، فينبغي أن تكون سببية في الموضعين أو زائدة فيهما ، لأن الاستفهام بمعنى النفي فلا فرق ، واالمصدر هنا مضاف لمفعوله وقوله : { إِن شَكَرْتُمْ } جوابه محذوف لدلالةِ ما قبله عليه أي : إنْ شكرتم وآمنتم فما يفعلُ بعذابكم ؟