فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا} (147)

{ ما يفعل الله بعذابهم إن شكرتم وآمنتم } ربنا تقدس وتبارك لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا ، فإنه يقول وقوله الحق : ( لا يصلاها إلا الأشقى . الذي كذب وتولى . وسيجنبها الأتقى ) ( {[1584]} ) ؛ { وكان الله شاكرا عليما }- تقديم الشكر ( على الإيمان في القول الكريم : { إن شكرتم وآمنتم } ) أهم ، لأنه عبارة عن صرف جميع ما أعطاه الله تعالى فيما خلق لآجله ، حتى تكون أفعاله وأقواله على نهج السداد وسنن الاستقامة ؛ { وكان الله شاكرا } مثيبا على الشكر ، فسمي جزاء الشكر شكرا ، وفيه أنه يجزي على العمل القليل ثوابا كثيرا { عليما } بالكليات والجزئيات من غير غلط ونسيان ، فيوصل جزاء الشاكرين إليهم لا كما يليق بحالهم بل كما يليق بكرمه وسعة فضله ورحمته ( {[1585]} ) ؛ قال مكحول : أربع مَن كن فيه كن له ، وثلاث مَن كن فيه كن عليه ؛ فالأربع اللاتي له : الشكر والإيمان والدعاء والاستغفار ، قال الله تعالى : { ما يفعل الله بعذابهم إن شكرتم وآمنتم } ، وقال الله تعالى : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) ( {[1586]} ) ، وقال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم . . ) ( {[1587]} ) ؛ وأما الثلاث اللاتي عليه : فالمكر والبغي والنكث ؛ قال الله تعالى : ( . . فمن نكث فإنما ينكث على نفسه . . ) ( {[1588]} ) ؛ وقال تعالى : ( . . ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله . . ) ( {[1589]} ) ، وقال تعالى : ( . . إنما بغيكم على أنفسكم . . ) ( {[1590]} ) .


[1584]:سورة الليل. الآيات 17،16،15.
[1585]:من تفسير غرائب القرآن؛ بتصرف يسير.
[1586]:سورة الأنفال. الآية 33.
[1587]:سورة الفرقان. من الآية 77.
[1588]:سورة الفتح. من الآية 10.
[1589]:سورة فاطر. من الآية 43.
[1590]:سورة يونس. من الآية 23.