نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا} (147)

ولما كان معنى الاستثناء أنه لا يعذبهم ، وأنهم يجدون الشفيع بإذنه ؛ قال مؤكداً لذلك{[23125]} على وجه الاستنتاج منكراً على من ظن أنه لا يقبلهم بعد الإغراق في المهالك : { ما يفعل الله } أي {[23126]}وهو{[23127]} المتصف بصفات الكمال التي منها الغنى المطلق { بعذابكم } أي أيها الناس ، فإنه لا يجلب له نفعاً ولا يدفع عنه ضراً .

ولما كان الخطاب مع الذين آمنوا قال : { إن شكرتم } أي نعمه التي من أعظمها إنزال الكتاب الهادي إلى الرشاد ، المنقذ من كل ضلال ، المبين لجميع{[23128]} ما يحتاج إليه العباد ، فأداكم التفكر في حالها إلى معرفة مسديها ، فأذعنتم له وهرعتم{[23129]} إلى طاعته بالإخلاص في عبادته وأبعدتم{[23130]} عن معصيته .

ولما كان الشكر هو الحامل على الإيمان قدمه عليه ، ولما كان لا يقبل إلا به قال : { وآمنتم } أي به إيماناً خالصاً موافقاً فيه القلب ما أظهره اللسان ؛ ولما كان معنى الإنكار أنه لا يعذبكم ، بل يشكر ذلك قال عاطفاً عليه : { وكان الله } أي ذو الجلال والإكرام أزلاً وأبداً { شاكراً } لمن شكره بإثابته{[23131]} على طاعته فوق ما يستحقه { عليماً * } بمن عمل له شيئاً وإن دق ، لا يجوز عليه سهو ولا غلط ولا اشتباه{[23132]} .


[23125]:في ظ: كذلك.
[23126]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23127]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23128]:في ظ: بجميع.
[23129]:في ظ: دعاكم ـ كذا.
[23130]:في ظ: أبعدكم.
[23131]:في ظ: بإثباته.
[23132]:في ظ: أشباه.