قال سبحانه للمنافقين : { مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ . . . } أيْ : أَيُّ منفعةٍ له سبحانه في ذلك أوْ حاجَةٍ ؟ قال أبو عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيُّ : زعم الطبريُّ ، أنَّ قوله تعالى : { مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ } : خطابٌ للمنافقين ، ولا يكادُ يقُومُ له على ذلك دليلٌ يقطَعُ به ، وليس في ذِكْرِ المنافقينَ قَبْلَهُ ما يقتَضِي أنْ يُحْمَلَ عليهم ، خاصَّةً مع احتمال الآية للعُمُومِ ، فقطْعُهُ بأنَّ الآية في المنافِقِينَ حُكْمٌ لا يقُومُ به دليلٌ ، انتهى . وهو حَسَنٌ ، إذ حمل الآية على العُمُومِ أحْسَنُ .
والعَجَب من ( ع ) : كيف تَبِعَ الطبريُّ في هذا التَّخْصيصِ ، ويظهر واللَّه أعلم أنهما عَوَّلا في تخصيصِ الآيةِ على قوله تعالى : { وَآمَنتُمْ } ، وهو محتملٌ أن يحمل في حَقِّ المنافقين على ظاهره ، وفي حقِّ المؤمنين على معنى : «دُمْتُمْ على إيمانكم » ، واللَّه أعلم .
والشُّكْرُ على الحقيقة لا يَكُونُ إلاَّ مقترناً بالإيمان ، لكنه ذكر الإيمان تأكيداً وتنبيهاً على جلالة موقعه ، ثم وَعَدَ سبحانه بقوله : { وَكَانَ الله شاكرا عَلِيماً } : أيْ يتقبَّل أقلَّ شيء مِنَ العَمَل ، وينَمِّيه ، فذلك شُكْرٌ منه سبحانه لعباده ، والشَّكُورُ من البهائمِ : الَّذي يأكل قليلاً ، ويظهر به بَدَنُه ، والعَرَبُ تقول في مثل : «أَشْكَرُ مِنْ بَرْوقَةٍ » ، لأنها يُقَالُ : تخضَرُّ وتتنضَّر بِظِلِّ السَّحاب دُونَ مَطَرٍ ، وفي قوله : { عَلِيماً } : تحذيرٌ ونَدْبٌ إلى الإخلاص .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.