جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقُولُ الّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىَ لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ اللّهَ لَكَانَ خَيْراً لّهُمْ } .

يقول تعالى ذكره : ويقول الذين صدّقوا الله ورسوله : هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار فإذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ يعني : أنها محكمة بالبيان والفرائض . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «فإذَا أُنْزِلَتْ سُورةٌ مُحْدَثَةٌ » .

وقوله : وَذُكِرَ فِيها القِتالُ يقول : وذُكر فيها الأمر بقتال المشركين . وكان قتادة يقول في ذلك ما :

حدثني بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَيَقُولُ الّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزّلَتْ سُورَةٌ فإذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيها القِتالُ قال : كلّ سورة ذُكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشدّ القرآن على المنافقين .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَذُكِرَ فِيها القِتالُ قال : كل سورة ذُكر فيها القتال فهي محكمة .

وقوله : رأيْتَ الّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يقول : رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله وضعف يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ يا محمد ، نَظَرَ المَغْشِيّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ ، خوفا أن تغزيهم وتأمرهم بالجهاد مع المسلمين ، فهم خوفا من ذلك وتجبنا عن لقاء العدوّ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه الذي قد صرع . وإنما عنى بقوله : مِنَ المَوْتِ من خوف الموت ، وكان هذا فعل أهل النفاق . كالذي :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَنْظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ المَغْشِيّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ قال : هؤلاء المنافقون طبع الله على قلوبهم ، فلا يفقهون ما يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقوله : فَأَوْلَى لَهُمْ يقول تعالى ذكره : فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض .

وقوله : فأوْلَى لَهُمْ وعيد توعّد الله به هؤلاء المنافقين . كما :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فَأَوْلَى لَهُمْ قال : هذه وعيد ، فأولى لهم ، ثم انقطع الكلام فقال : طَاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَأَوْلَى لَهُمْ قال : وعيد كما تسمعون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

{ ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة } أي هلا { نزلت سورة } في أمر الجهاد . { فإذا أنزلت سورة محكمة } مبينة لا تشابه فيها . { وذكر فيها القتال } أي الأمر به . { رأيت الذين في قلوبهم مرض } ضعف في الدين وقيل نفاق . { ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت } جبنا ومخافة . { فأولى لهم } فويل { لهم } ، أفعل من الولى وهو القرب ، أو فعلى من آل ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم .