جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنُطۡعِمُ مَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطۡعَمَهُۥٓ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (47)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمّا رِزَقَكُمُ الله قَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِلّذِينَ آمَنُوَاْ أَنُطْعِمُ مَن لّوْ يَشَآءُ اللّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء المشركين بالله : أنفقوا من رزق الله الذي رزقكم ، فأدّوا منه ما فرض الله عليكم فيه لأهل حاجتكم ومسكنتكم ، قال الذين أنكروا وحدانية الله ، وعبدوا مَنْ دونه للذين آمنوا بالله ورسوله : أنطعم أموالنا وطعامنا مَنْ لو يشاء الله أطعمه ؟ .

وفي قوله : { إنْ أنْتُمْ إلاّ فِي ضَلالٍ مُبِين }وجهان : أحدهما أن يكون من قيل الكفار للمؤمنين ، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ : ما أنتم أيها القومُ في قيلكم لنا : أنفقوا مما رزقكم الله على مساكينكم ، إلا في ذهاب عن الحقّ ، وجور عن الرشد مُبِين لمن تأمله وتدبره ، أنه في ضلال وهذا أَوْلى وجهيه بتأويله . والوجه الاَخر : أن يكون ذلك من قيل الله للمشركين ، فيكون تأويله حينئذٍ : ما أنتم أيها الكافرون في قيلكم للمؤمنين : أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ، إلا في ضلال مبين ، عن أن قيلكم ذلك لهم ضلال .