الآية 47 وقوله تعالى : { وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله } يحتمل قوله : { أي صلوا{[17492]} الأرحام والقرابات على حقيقية الإنفاق . ويحتمل أن اقبلوا الإنفاق ، وهو الزكاة كقوله : { وويل للمشركين } { الذين لا يؤتون الزكاة } [ فصلت : 6 و7 ] أي لا يقبلون الإيتاء ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { قال الذين كفروا للذين آمنوا أنُطعم من لو يشاء الله أطعمه } بهذا قالت المعتزلة في قولهم : إن الله لا يفعل إلا ما هو أصلح للخلق{[17493]} في الدين ، يقولون : لو كان الإنفاق والرزق أصلح لهم في الدين لرزقهم الله على ما رزقنا .
فيقال للمعتزلة : أمره إياهم بالإنفاق على من ذكر لا يخلو من أن تكون أصلح النفقة لهم والرزق أصلح في الدين ، ثم لم يرزقهم ، ولم يوسّع عليهم ، أو{[17494]} أن يكون المنع أصلح لهم ، وترك الإنفاق .
فإن كان الأول فقد ترك فعل ما هو أصلح في الدين . [ وإن كان ]{[17495]} الثاني فقد أمره هؤلاء بفعل ما هو ليس بأصلح .
فكيف ما كان ففيه بيان أن ليس على الله فعل{[17496]} الأصلح للخلق في الدين إنما عليه ما توجبه الحكمة وحفظ ما يكون حكمة .
وهؤلاء لم ينظروا إلى [ ما توجبه ]{[17497]} الحكمة .
وفي الحكمة الامتحان والابتلاء : هذا بالسعة وهذا بالشدة والضّيق . ثم أوجب على من وسّع عليه في فضول ماله حقا لهذا الفقير والمُضيّق عليه . وبيّن ذلك الحق ، وبيّن قدره وحدّه ليستأدي بذلك شكره ، وضيّق على هذا ، يطلب منه الصبر على ذلك أن منع هذا حقه . وإلا لم يسبق ممن وسّع عليه ما تستوجبه تلك النعمة والسعة ، ولا ممن ضيّق عليه ما يستوجب ذلك . ولكن محنة يمتحنهم بها : هذا بالشدة والضيق ، وهذا بالسعة والكثرة . وعلى ذلك روي في الخبر عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لو شاء الله لجعلكم أغنياء ، لا فقير فيكم ، ولو شاء الله لجعلكم فقراء ، لا غني فيكم ، ولكنه ابتلى بعضهم ببعض لينظر كيف عطف الغني ؟ وكيف صبر الفقير ) .
وقوله تعالى : { إن أنتم إلا في ضلال مبين } قال بعضهم : هذا كلام الكفرة للمؤمنين . لم يكتفوا بذلك القول الذي قالوه ، ولكن نسبوهم إلى الضلال والجهل . وقال بعضهم : هذا القول من الله جواب لهم لقولهم : { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.