{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } : إشارة إلى أنهم أخلوا بجميع التكاليف ؛ لأن جملتها ترجع إلى أمرين : التعظيم لجانب الله ، والشفقة على خلق الله .
{ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ } أي : تصدقوا على الفقراء مما أعطاكم الله وأنعم به عليهم من الأموال ، قال الحسن : يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء ، وقال مقاتل : إن المؤمنين قالوا لكفار قريش : أنفقوا على المساكين مما زعمتم أنه لله من أموالكم من الحرث والأنعام كما في قوله سبحانه
{ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا } فكان جوابهم ما حكاه الله عنهم بقوله :
{ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا } : استهزاء بهم وتهكما بقولهم .
{ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللهُ أَطْعَمَهُ ؟ } أي : من لو يشاء الله رزقه ؟ وقد كانوا سمعوا المسلمين يقولون : إن الرازق هو الله ، وإنه يغني من يشاء ويفقر من يشاء ، فكأنهم حاولوا بهذا القول الإلزام للمسلمين ، وقالوا : نحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله وهذا غلط منهم ومكابرة ومجادلة بالباطل فإن الله سبحانه أغنى بعض خلقه وأفقر بعضا ابتلاء ، فمنع الدنيا من الفقير لا بخلا ، وأعطى الدنيا للغني لا استحقاقا وأمر الغني أن يطعم الفقير وابتلاه به فيما فرض له من ماله من الصدقة ولا اعتراض لأحد في مشيئة الله وحكمته في خلقه . والمؤمن يوافق أمر الله .
وقولهم : من لو يشاء الله أطعمه هو وإن كان كلاما صحيحا في نفسه ولكنهم لما قصدوا به الإنكار لقدرة الله وإنكار جواز الأمر بالإنفاق مع قدرة الله كان احتجاجهم من هذه الحيثية باطلا .
{ إِنْ أَنتُمْ } في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا { إِلا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } أي : بين وهذا من تمام كلام الكفار ، والمعنى أنكم أيها المسلمون في سؤال المال وأمرنا بإطعام الفقراء لفي ضلال في غاية الوضوح والظهور ، وقيل : هو من كلام الله سبحانه جوابا على هذه المقالة التي قالها الكفار ، وقيل : هو من قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم :
وقال القشيري والماوردي : إن الآية نزلت في قوم من الزنادقة وقد كان في كفار قريش وغيرهم من سائر العرب قوم يتزندقون فلا يؤمنون بالصانع فقالوا هذه المقالة استهزاء بالمسلمين ومناقضة لهم ، وحكى نحو هذا القرطبي عن ابن عباس ولهذا أظهر في مقام الإضمار قيل : كان العاص بن وائل السهمي إذا سأله المسكين قال له : اذهب إلى ربك فهو أولى مني بك ، ويقول : قد منعه الله أفأطعمه أنا{[1401]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.