التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

أما الذين تخشى منهم الخيانة فقد بين - سبحانه - حكمهم بقوله : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين } .

وقوله : { تَخَافَنَّ } من الخوف والمراد به هنا العلم .

وقوله : { فانبذ } من النبذ بمعنى الطرح ، وهو مجاز عن إعلامهم بأنهم لا عهد لهم بعد اليوم ، فشبه - سبحانه - العهد بالشئ الذي يرمى لعدم الرغبة فيه ، وثبت النبذ له على سبيل التخييل ، ومفعول " فانبد " محذوف أى : فانبذ إليهم عهودهم .

قال الجمل : وقوله : { على سَوَآء } حال من الفاعل والمفعول معا ، أى : فاعل الفعل وهو ضمير النبى - صلى الله عليه وسلم - ومفعوله وهو المجرور بإلى .

أى : حال كونكم مستوين في العلم بطرح العهد . فعلمك أنت به لأنه فعل نفسك ، وعلمهم به بإعلامك إياهم ، فكأنه قيل في الآية : فانبذ عهدهم وأعلمهم بنبذه ، ولا تقاتلهم بغتة لئلا يتهموك بالغدر وليس هذا من شأنك ولا من صفاتك .

والمعنى : وإما تعلمن - يا محمد - من قوم بينك وبينهم عهد أنهم على وشك نقضه منهم ، بأمارات تلوح لك تدل على غدرهم ، فاطرح إليهم عهدهم على طريق مستو ظاهر : بأن تعلمهم بنبذك عهدهم قبل أن تحاربهم ، حتى تكون أنت وهم في العلم بنبذ العهد سواء ، لأن تعلمهم بنبذك عهدهم قبل أن تحاربهم ، حتى تكون أنت وهم في العلم بنبذ العهد سواء ، لأن الله - تعالى - لا يحب الخائنين وإن من ظاهر الخيانة التي يبغضها الله - تعالى - أن يحارب أحد المتعاهد معه دون أن بعلمه بإنهاء عهده .

قال ابن كثير : " قال الإِمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شبعة عن أبى الفيض عن سليم بن عامر قال : كان بين معاوية وبين الروم عهد ، وكان يسير نحو بلادهم ليقرب منها ، حتى إذا انقضى العهد غزاهم فإذا شيخ على دابة يقول : الله أكبر الله أكبر ، وفاء لا غدرا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ، ولا يشدها حتى ينقضى أمدها أو ينبذ إليهم على سواء " " .

قال : فبلغ ذلك معاوية فرجع ، فإذا بالشيخ عمرو بن عيسة .

ثم قال ابن كثير ، وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسى عن شبعة ، وأخرجه أبو داود والترمذى والنسائى وابن نحبان في صحيح من طرق عن شعبة به ، وقال الترمذى حسن صحيح .

وروى الإِمام أحمد " عن سلمان الفارسى أنه انتهى إلى حصن أو مدينة فقال لأصحابه : دعونى ادعوهم كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم ، فقال : إنما كنت رجلا منكم فهدانى الله إلى الإِسلام ؛ فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا ، وإن أنتم أبيتم ، فأدوا الجزية وأنتم صاغرون فإن أبيتم نابذناكم على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين ، يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بعون الله " .

وقال الفخر الرازى : قال أهل العلم : آثار نقض العهد إذا ظهرت ، فإما أن تظهر ظهوراً محتملاً ، أو ظهورا مقطوعا به .

فإن كان الأول : وجب الإِعلام على ما هو مذكور في هذه الآية ، وذلك لأن بنى قريظة عاهدوا النبى - صلى الله عليه وسلم ثم أجابوا أبا سفيان ومن معه من المشركين إلى مظاهرتهم على رسول الله ، فحصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم خوف الغدر منهم به وأصحابه ، فهنا يجب على الإِمام أن ينبذ إليهم عهودهم على سواء ويؤذنهم بالحرب .

أما إذا ظهر نقض لعهد ظهوراً مقطوعاً به ، فهنا لا حاجة إلى نبذ العهد ، وذلك كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأهل مكة ، فإنهم لما نقضوا العهد بقتل خزاعة وهم في ذمة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصل إليهم جيش رسول الله بمر الظهران ، وذلك على أربعة فراسخ من مكة .

أى : أنهم لم يعلموا بجيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء لمحاربتهم إلا بعد وصوله إلى هذا المكان .

وبذلك ترى أن تعاليم الإِسلام ترتفع بالبشرية إلى أسمى آفاق الوفاء والبر والأمان . . وتحقر من شان الخيانة والخائنين ، وتتوعدهم بالطرد من رحمة الله ، وبالبعد عن رضوانه ومحبته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

{ وإما تخافنّ من قوم } معاهدين . { خيانة } نقض عهد بأمارات تلوح لك . { فانبذ إليهم } فاطرح إليهم عهدهم . { على سواء } على عدل وطريق قصد في العداوة ولا تناجزهم الحرب فإنه يكون خيانة منك ، أو على سواء في الخوف أو العلم بنقض العهد وهو في موضع الحال من النابذ على الوجه الأول أي ثابتا على طريق سوي أو منه أو من المنبوذ إليهم أو منهما على غيره ، وقوله : { إن الله لا يحب الخائنين } تعليل للأمر بالنبذ والنهي عن مناجزة القتال المدلول عليه بالحال على طريقة الاستئناف .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

وقوله تعالى : { وإما تخافن } الآية قال أكثر المؤلفين في التفسير : إن هذه الآية هي من بني قريظة ، وحكاه الطبري عن مجاهد ، والذي يظهر من ألفاظ القرآن أمر بني قريظة قد انقضى عند قوله { فشرد بهم من خلفهم } ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية بأمره بما يصنعه في المستقبل مع من يخاف منه خيانة إلى سالف الدهر{[5420]} ، وبنو قريظة لم يكونا في حد من تخاف خيانته فترتب فيهم هذه الآية وإنما كانت خيانتهم ظاهره مشتهرة ، فهذه الآية هي عندي فيمن يستقبل حاله من سائر الناس غير بني قريظة ، وخوف الخيانة بأن تبدو جنادع الشر{[5421]} من قبل المعاهدين وتتصل عنه أقوال وتتحسس من تلقائهم مبادىء الغدر فتلك المبادىء معلومة ، والخيانة التي هي غايتهم مخوفة لا متيقنة ، وحيئنذ ينبذ إليهم على سواء ، فإن التزموا السلم على ما يجب وإلا حوربوا ، وبنو قريظة نبذوا العهد مرتين{[5422]} ، وقال يحيى بن سلام : تخاف في هذه الآية بمعنى تعلم .

قال القاضي أبو محمد : وليس كذلك ، وقوله { خيانة } يقتضي حصول عهد لأن من ليس بينك وبينه عهد فليست محاربته لك خيانة ، فأمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إذا أحس من أهل عهد ما ذكرنا ، وخاف خيانتهم أن يلقي إليهم عهدهم ، وهو النبذ ومفعول قوله { فانبذ } محذوف تقديره إليهم عهدهم .

قال القاضي أبو محمد : وتقتضي قوة هذا اللفظ الحض على حربهم ومناجزتهم إن لم يستقيموا ، وقوله { على سواء } قيل معناه يكون الأمر في بيانه والعلم به على سواء منك ومنهم ، فتكونون فيه أي في استشعار الحرب سواء ، وقيل معنى قوله { على سواء } أي على معدلة أي فذلك هو العدل والاستواء في الحق ، قال المهدوي : معناه جهراً لا سراً .

قال القاضي أبو محمد : وهذا نحو الأول ، وقال الوليد بن مسلم : { على سواء } معناه على مهل كما قال تعالى : { براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتهم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر }{[5423]} .

قال القاضي أبو محمد : واللغة تأبى هذا القول ، وذكر الفراء أن المعنى انبذ إليهم على اعتدال وسواء من الأمر أي بيّن لهم على قدر ما ظهر منهم لا تفرط ولا تفجأ بحرب ، بل أفعل بهم مثلما فعلوا بك .

قال القاضي أبو محمد : يعني موازنة ومقايسة ، وقوله تعالى : { إن الله لا يحب الخائنين } يحتمل أن يكون طعناً على الخائنين من الذين عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أن يريد فانبذ إليهم على سواء حتى تبعد عن الخيانة ، فإن الله لا يحب الخائنين فيكون النبذ على هذا التأويل لأجل أن الله لا يحب الخائنين ، والسواء في كلام العرب قد يكون بمعنى العدل والَمْعدلة ، ومنه قوله تعالى : { إلى كلمة سواء بيننا وبينكم }{[5424]} ومنه قول الراجز : [ الرجز ]

فاضرب وجوه الغدر الأعداء*** حتى يجيبوك إلى السواء{[5425]}

وقد يكون بمعنى الوسط ، ومنه قوله تعالى : { في سواء الجحيم }{[5426]} ومنه قول حسان بن ثابت : [ الكامل ]

يا ويح أنصار النبي ورهطه*** بعد المغيَّب في سواء الملحدِ{[5427]}


[5420]:- تأمل أنه يتحدث عن المستقبل ولا يتفق مع هذا قوله: "إلى سالف الدهر"، فإن معنى (سلف) هو تقدم وسبق، والسالف: المتقدم. قال الجوهري وحكاه اللسان: "سلف يسلُف سلفا مثال طلب يطلب طلبا أي: مضى".
[5421]:- جنادع الشر: أوائله، والجُندع: جندب أسود له قرنان طويلان، وهو أضخم الجنادب، وكل جُندب يؤكل إلا الجُندع. وجنادع الضّب: جوابّ أصغر من القردان تكون عند حجره، فإذا بدت هي عُلم أن الضب خارج، فيقال حينئذ: بدت جنادعه، ويقال للشرير المنتظر هلاكه: "ظهرت جنادعه والله جادعه"، ويضرب مثلا للرجل الذي يأتي عنه الشر قبل أن يُرى. (عن اللسان).
[5422]:- في بعض النسخ: "نبذوا العهد مبتدئين".
[5423]:- الآية (1)، وجزء من الآية (2) من سورة (التوبة).
[5424]:- من الآية (64) من سورة (آل عمران).
[5425]:- الغدر: نقض العهد، وصفهم بأنهم أعداء لا يوفون بعهودهم، وقد روي: "واضرب"، والسواء والسويّة: العدل والنّصفة، قال زهير: أروني خُطة لا عيب فيها يسوّي بيننا فيها السواء أي: يسوي فيها العدل بيننا، وقال البراء بن عازب الضبّي: أتسألني السويّة وسط زيد؟ ألا إن السوية أن تضاموا أي: أتسألني العدل والإنصاف؟
[5426]:- من الآية (55) من سورة (الصافات).
[5427]:-رواه في اللسان، وفي القرطبي: "أصحاب النبي"، ومثل الآية الكريمة وبيت حسان هذا في أن (سواء) تكون بمعنى (وسط) حديث ابن مسعود: (يوضح الصراط على سواء جهنم).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

عطف حكم عام لمعاملة جميع الأقوام الخائنين بعد الحكم الخاصّ بقوم معينين الذين تلوح منهم بوارق الغدر والخيانة ، بحيث يبدو من أعمالهم ما فيه مخيلة بعدم وفائهم ، فأمَره الله أن يردّ إليهم عهدهم ، إذ لا فائدة فيه وإذ هم ينتفعون من مسالمة المؤمنين لهم ، ولا ينتفع المؤمنون من مسالمتهم عند الحاجة .

والخوف توقع ضر من شيء ، وهو الخوف الحقّ المحمود . وأمّا تخيل الضرّ بدون أمارة فليس من الخوف وإنّما هو الهَوس والتوهّم . وخوف الخيانة ظهور بوارقها . وبلوغُ إضمارهم إيّاها ، بما يتّصل بالمسلمين من أخبار أولئك وما يأتي به تجسّس أحوالهم كقوله تعالى : { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } [ البقرة : 229 ] وقوله : { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة } [ النساء : 3 ] .

وقد تقدم عند قوله تعالى : { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله } في سورة [ البقرة : 229 ] .

وقوم } نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم ، أي كلّ قوم تخاف منهم خيانة .

والخيانة : ضد الأمانة ، وهي هنا : نقض العهد ، لأنّ الوفاء من الأمانة . وقد تقدّم معنى الخيانة عند قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول } في هذه السورة [ 27 ] .

والنبذ : الطرح وإلقاء الشيء . وقد مضى عند قوله تعالى : { أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم } في سورة [ البقرة : 100 ] .

وإنّما رتّب نبذ العهد على خوف الخيانة ، دون وقوعها ، لأن شؤون المعاملات السياسية والحربية تجري على حسب الظنون ومخائل الأحوال ولا ينتظر تحقّق وقوع الأمر المظنون لأنّه إذا تريَّث وُلاة الأمور في ذلك يكونون قد عرضوا الأمة للخطر ، أو للتورّط في غفلة وضياع مصلحة ، ولا تُدار سياسة الأمّة بما يدار به القضاء في الحقوق ، لأنّ الحقوق إذا فاتت كانت بليّتها على واحد ، وأمكن تدارك فائتها . ومصالح الأمّة إذا فاتت تمكّن منها عدوّها ، فلذلك علّق نبذ العهد بتوقّع خيانة المعاهدين من الأعداء ، ومن أمثال العرب : خُذ اللص قبل يَأخُذَك ، أي وقد علمت أنّه لص .

{ وعلى سواء } صفة لمصدر محذوف ، أي نبذاً على سواء ، أو حال من الضمير في ( انبذ ) أي حالة كونك على سواء .

و { على } فيه للاستعلاء المجازي فهي تؤذن بأنّ مدخولها ممّا شأنه أن يعتلى عليه . و { سواء } وصف بمعنى مستو ، كما تقدم في قوله تعالى : { سواء عليهم أأنذرتهم } في سورة [ البقرة : 6 ] . وإنما يصلح للاستواء مع معنى ( على ) الطريق ، فعلم أن سواء } وصف لموصوف محذوف يدلّ عليه وصفه ، كما في قوله تعالى : { على ذات ألواح } [ القمر : 13 ] ، أي سفينة ذات ألواح . وقوله النابغة :

كما لقيت ذاتُ الصَّفا من حليفها

أي الحية ذات الصفا .

ووصف النبذ أو النابذ بأنّه على سواء ، تمثيل بحال الماشي على طريق جادّة لا التواء فيها ، فلا مخاتلة لصاحبها كقوله تعالى : { فقل آذنتكم على سواء } [ الأنبياء : 109 ] وهذا كما يقال ، في ضدّه : هو يتبعُ بنيات الطريق ، أي يراوغ ويخاتل .

والمعنى : فانبذ إليهم نبذاً واضحاً علناً مكشوفاً .

ومفَعول ( انبذ ) محذوف بقرينة ما تقدّم من قوله : { ثم ينقضون عهدهم } [ الأنفال : 56 ] وقوله : { وإما تخافنّ من قوم خيانة } أي انبذ عهدهم .

وعُدّي « انبِذْ » ب ( إلى ) لتضمينه معنى اردد إليهم عهدهم ، وقد فهم من ذلك لا يستمرّ على عهدهم لئلا يقع في كيدهم وأنّه لا يخونهم لأنّ أمره ينبذ عهده معهم ليستلزم أنّه لا يخونهم .

وجملة : { إن الله لا يحب الخائنين } تذييل لما اقتضته جملة : { وإما تخافن من قوم خيانة } إلخ تصريحاً واستلزاماً . والمعنى : لأنّ الله لا يحبّهم ، لأنّهم متّصفون بالخيانة فلا تستمرَّ على عهدهم فتكون معاهداً لمن لا يحبّهم الله ؛ ولأنّ الله لا يحبّ أن تكون أنت من الخائنين كما قال تعالى : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما } في سورة [ النساء : 107 ] . وذكر القرطبي عن النحّاس أنّه قال : هذا من معجز ما جاء في القرآن مما لا يوجد في الكلام مثله على اختصاره وكثرة معانيه .

قلت : وموقع ( إنّ ) فيه موقع التعليل للأمر برد عهدهم ونبذه إليهم فهي مغنية غناء فاء التفريع كما قال عبد القاهر ، وتقدّم في غير موضع وهذا من نكت الإعجاز .