الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

وقوله : { وإما تخافن من قوم خيانة }[ 58 ] .

أي : إن خفت يا محمد ، من قوم بينك وبينهم عهد ( وعقد ){[27663]} أن يخونوك وينقضوا عهدك ، { فانبذ{[27664]} إليهم على سواء } ، أي : حاربهم وأعلمهم قبل إتيانك لحربهم أنك فسخت عهدهم ، لِما كان منهم من أمارة نقض العهد ، وإتيان الغدر والخيانة منهم ، فيستوي علمك وعلمهم في الحرب ، { إن الله لا يحب الخائنين }[ 58 ] ، أي : من خان عهدا ، أو نقض عهدا{[27665]} .

و " الخوف " هنا : ظهور ما يتيقن منهم من إتيان الغدر ، وليس هو الظن{[27666]} .

ومعنى : { فانبذ عليهم على سواء }[ 58 ] .

أي : انبذ إليهم العهد ، وأعلمهم بأنك قد طرحته ، لما ظهر إليك منهم ، وأنك محارب لهم ، فيستوي أمركما في العلم{[27667]} .

قال الكسائي : { على سواء } : على عدل ، أي : تعدل بأن يستوي علمك وعلمهم{[27668]} .

وقال الفراء المعنى : افعل بهم كما يفعلون سواء{[27669]} .

وقال أيضا : { على سواء } : جهرا لا سرا{[27670]} .

قال أبو عبيدة معنى : { تخافن } : توقنن{[27671]} .


[27663]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27664]:في الأصل: فانبدت، بدال مهملة، وهو تحريف. و"على سواء" مكررة.
[27665]:في "ر": عهد، وهو خطأ ناسخ، انظر: جامع البيان 14/25. قال ابن كثير في تفسيره 2/320: {إن الله لا يحب الخائنين}، أي: حتى ولو في حق الكفار لا يحبها أيضا.
[27666]:انظر: مزيد إيضاح في جامع البيان 14/25، 26. وفي زاد المسير 3/373: "قال المفسرون: "الخوف" هاهنا بمعنى: العلم". وفي البحر المحيط 4/504: "وقال يحيى بن سلام: {تخافن} بمعنى تعلم. وحكاه بعضهم أنه قول الجمهور". انظر: أحكام ابن العربي 2/871، وتفسير القرطبي 8/22.
[27667]:سلف تفسيره أعلاه. وقد أورده في تفسير المشكل من غريب القرآن 182، بغير هذا اللفظ، نقلا عن تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 180.
[27668]:إعراب القرآن للنحاس 2/196، وتفسير القرطبي 8/23، وفتح القدير 2/365، جميعها بلفظ: "قال الكسائي: السواء: العدل". وفي جامع البيان 14/26، ومعنى قوله: {على سواء}، أي: حتى يستوي علمك وعلمهم بأن كل فريق منكم حرب لصاحبه لا سِلم"، انظر: معاني "السواء" في القرآن الكريم في وجوه ونظائر الدامغاني 252، ووجوه ونظائر ابن الجوزي 259.
[27669]:معاني القرآن 1/414، من غير كلمة "بهم"، وهي من زيادة النحاس في إعرابه 2/192، وعنه نقل مكي رحمه الله.
[27670]:المصدر نفسه.
[27671]:مجاز القرآن 1/249، بلفظ: "مجاز {وإما}: وإن، ومعناها: وإما توقنن منهم {خيانة}، أي: غدرا، وخلافا وغشا، ونحو ذلك". وفي الأصل: توقن، وهو خطأ ناسخ.