قوله تعالى : { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يجب الخائنين 58 ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون } تأويل هذه الآية : أنك إن خشيت يا محمد من عدو لك بينك وبينه عهد أن ينكث عهده وينقص ميثاقه فيغدر بك غدرا وخيانة { فانبذ إلهم على سواء } أي فناجزهم بالحرب ، وأعلمهم قبل أن تقاتلهم أنك قد فسخت ما بينك وبينهم من عهد أو ميثاق لما ظهر منهم من أمارات الغدو والخيانة تلوح لك ؛ وذلك حتى تصير أنت وإياهم على سواء في العلم بأنك محار بلهم ، فتبرأ من التلبس بالخيانة أو الغدر { إن الله لا يحب الخاسرين } .
وبعبارة أخرى : فإنه إذا خيف من العدو أن ينقض عهده مع المسلمين لما تبدي من آثار الغش والغدر وعلائم النكث والغدر ، جاز المسلمين أن ينبذوا إليهم عهدهم ؛ أي يطرحوه لهم . وذلك أن يخبروهم إخبارا مكشوفا جليل أنهم قطعوا ما بينهم وبينهم من عهد ، حتى يستووا جميعا في العلم بانقطاع العهد بينهم ، وأنهم كلهم باتوا الآن في احتراب فيما بينهم . لا جرم أن هذه ظاهرة بلجة من ظواهر العدل المطلق الذي يتجلى في هذا الدين العظيم . الذين الذي يأبى الغدر أو الغش أو الخيانة في كل الأحوال والظروف حتى في زمن الحرب ، حيث المخاطر والأهوال والأحوال العصيبة الرهيبة التي تحدق بالمسلمين والتي يشتد فيها الحذر والوجل . فإن الإسلام بالرغم من ذلك كله يندد بالغدر والخيانة في كل الأحوال والوجوه ، سواء في السلم أو الحرب . في مقابلة المسلمين أو الكافرين وهو كذلك يأمر أمرا جازما بدوام التلبس بفضائل الخلق الكريم وروائع القيم الرقية كالصدق والوفاء والحياء والمروءة وغير ذلك من وجوه الخلق الرفيع الذي لا يتجلى بمثل هذا القدر المطلق البالغ إلا في الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.