اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

قوله : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَاءٍ } .

مفعول انبذ محذوف ، أي : انبذ إليهم عهودهم ، أي : اطرحها ، ولا تكترث بها و " عَلَى سواءٍ " حال إمَّا من الفاعل ، أي انبذها ، وأنت على طريقٍ قصدٍ ، أي : كائناً على عدل ، فلا تَبْغتهُمْ بالقتالِ بل أعلمهم به ، وإمَّا من الفاعل والمفعول معاً ، أي : كائنين على استواء في العلم ، أو في العداوةِ .

وقرأ العامَّةُ بفتح السِّين ، وزيد بن علي بكسرها{[17427]} ، وهي لغة تقدم التنبيه عليها أول البقرة .

فصل

المعنى : وإمَّا تعلمنَّ يا محمد " من قومٍ " معادين : " خيانةً " نقض عهد بما يظهر لك منهم من آثار الغدر ، كما يظهر من قريظة والنضير : " فانبِذْ إليْهِمْ " فاطرح " إليهمْ " عهدهم " على سواءٍ " .

يقول : أعلمهم قبل حربك إيَّاهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم حتَّى تكون أنت وهم في العلم بنقض العهد سواء ، فلا يتوهموا أنك نقضت العهد بنصبِ الحرب معهم .

وقوله : { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين } هذه الجملة يحتمل أن تكون تعليلاً معنوياً للأمر بنبذ العهد على عدل ، وهو إعلامهم ، وأن تكون مستأنفة ، سيقت لذمِّ من خان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونقض عهده .


[17427]:ينظر: البحر المحيط 4/505، الدر المصون 3/429.