بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

قوله تعالى : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً } ، يعني وإن علمت من قوم نقض العهد ؛ والخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء ، فلا يؤدي الأمانة . وسمي ناقض العهد خائناً ، لأنه اؤتمن بالعهد فغدر ونكث . { فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَاء } ، أي فأعلمهم بأنك قد نقضت العهد وأعلمهم بالحرب ، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء . وقال القتبي : إذا أردت أن تعرف فضل العربية على غيرها ، فانظر في الآية . وقد ترجموا سائر الكتب ؛ ومن أراد أن يترجم القرآن إلى لغة أُخرى ، فلا يمكنه ذلك ، لأنك لو أردت أن تنقل قوله : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً } لم تستطع بهذا اللفظ ، ما لم تبسط مجموعها وتظهر مستورها فتقول : إن كان بينك وبين قوم هدنة وعهد ، فخفت منهم خيانة ونقضاً ، فأعلمهم أنك قد نقضت ما شرطت لهم وآذنهم بالحرب ، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء . ثم قال : { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين } ، يعني الناقضين للعهد .