التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

ثم ساق - سبحانه - آية خامسة فقال : ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا .

أى : ومن آياته - سبحانه - الدالة على قدرته ، أنه يريكم البرق ، فتارة تخافون مما يحدث بعده من صواعق متلفة ، وأمطار مزعجة ، وتارة ترجون من ورائه المطر النافع ، والغيب المدرار .

وانتصاب " خوفا وطمعا " على أنهم مفعول لأجله ، أى : يريكم ذلك من أجل الخوف والطمع ، إذ بهما يعيش المؤمن حياته بين الخوف والرجاء ، فلا يبطر ولا ييأس من رحمة الله . { وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مَآءً } كثيرا { فَيُحْيِي بِهِ } أى : بسبب هذا الماء { الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } أى : بأن يحولها من أرض جدباء هامدة إلى أرض خضراء زاخرة بالنبات { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } هذه الإِرشادات ، ويستعملون عقولهم فى الخير لا فى الشر ، وفى الحق لا فى الباطل ، وفى استنباط المعانى الدالة على كمال قدرة الله - تعالى - ورحمته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على عظمته أنه { يُرِيكُمُ الْبَرْقَ [ خَوْفًا وَطَمَعًا } أي : ] {[22803]} تارة تخافون مما يحدث بعده من أمطار مزعجة ، أو صواعق متلفة ، وتارة ترجون وَمِيضَه وما يأتي بعده من المطر المحتاج إليه ؛ ولهذا قال : { وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي : بعدما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء ، فلما جاءها الماء { اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [ الحج : 5 ] . وفي ذلك عبرة ودَلالَة واضحة على المعاد وقيام الساعة ؛ ولهذا قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } .


[22803]:- زيادة من ت.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

{ ومن آياته يريكم البرق } مقدر بأن المصدرية كقوله :

إلا أيهذا الزاجري أحضر الوغى *** وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي

أو الفعل فيه منزلة المصدر كقولهم : تسمع بالمعيدي خير م أن تراه ، أو صفة لمحذوف تقديره آية يريكم بها البرق كقوله :

فما الدهر إلا تارتان فمنهما *** أموت وأخرى ابتغي العيش اكدح

{ خوفا } من الصاعقة للمسافر . { وطمعا } في الغيث للمقيم . ونصبهما على العلة لفعل يلزم المذكور فإن إراءتهم تستلزم رؤيتهم أو له على تقدير مضاف نحو إرادة خوف وطمع ، أو تأويل الخوف والطمع بالإخافة والإطماع كقولك فعلته رغما للشيطان ، أو على الحال مثل كلمته شفاها . { وينزل من السماء ماء } وقرئ بالتشديد . { فيحيي به الأرض } بالنبات . { بعد موتها } يبسها . { إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } يستعملون عقولهم في استنباط أسبابها وكيفية تكونها ليظهر لهم كمال قدرة الصانع وحكمته .