ثم بين - سبحانه - ألوانا أخرى من مظاهر قدرته وحكمته فقال : { فَالِقُ الإصباح وَجَعَلَ الليل سَكَناً والشمس والقمر حُسْبَاناً } .
الإصباح : مصدر سمى به الصبح ، أى : شاق ظلمة الصبح - وهى الغبش فى آخر الليل الذى يلى الفجر المستطيل الكاذب - عن بياض النهار فيضىء الوجود ، ويضمحل الظلام ، ويذهب الليل بسواده ، ويجىء النهار بضيائه .
وجملة " فالق الإصباح " خبر لمبتدأ محذوف أى : هو فالق ، أو خبر آخر لإنّ { وَجَعَلَ الليل سَكَناً } أى وجعل الليل محلا لسكون الخلق فيه ، وراحة لهم بعد معاشهم بالنهار وسعيهم للحصول على رزقهم .
قال صاحب الكشاف : السكن : ما يسكن إليه الرجل ويطمئن استئناسا به واسترواحا إليه ، من زوج أو حبيب . ومنه قيل للنار سكن لأنه يستأنس بها ، ألا تراهم سموها المؤنسة ، والليل يطمئن إليه المتعب بالنهار لاستراحته فيه ، ويجوز أن يراد : وجعل الليل مسكونا فيه من قوله : ( لِتَسْكُنُواْ فِيهِ ) .
{ والشمس والقمر حُسْبَاناً } الحسبان فى الأصل مصدر حسب - بفتح السين - كالغفران والشكران تقول حسبت المال حسبانا : أى أحصيته عددا . والمعنى : وجعل الشمس والقمر يجريان فى الفلك بحساب مقدر معلوم لا يتغير ولا يضطرب حتى ينتهى إلى أقصى منازلهما بحيث تتم الشمس دورتها فى سنة ويتم القمر دورته فى شهر ، وبذلك تنتظم المصالح المتعلقة بالفصول الأربعة وغيرها ، قال - تعالى - { هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب } وقوله { ذلك تَقْدِيرُ العزيز العليم } أى : ذلك الجعل والتسيير البديع الشأن تقدير العزيز ، أى : الغالب القاهر الذى لا يتعاصاه شىء من الأشياء التى من جملتها تسييرهما على الوجه المخصوص ، العليم بكل شىء فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء .
قال الإمام الرازى عند تفسيره لهذه الآية الكريمة ما ملخصه :
" اعلم أن هذا نوع آخر من دلائل وجود الصانع وعلمه وقدرته وحكمته فالنوع المتقدم - أى قوله { إِنَّ الله فَالِقُ } . . . إلخ - كان مأخوذا من دلالة أحوال النبات والحيوان ، والنوع المذكور فى هذه الآية مأخوذ من الأحوال الفلكية ، وذلك لأن فلق ظلمة الليل بنور الصبح أعظم فى كمال القدرة من فلق الحب والنوى بالنبات والشجر ولأن من المعلوم بالضرورة أن الأحوال الفلكية أعظم فى القلوب وأكثر وقعاً من الأحوال الأرضية " .
وبعد أن ساق - رحمه الله - الأدلة على ذلك قال : والعزيز إشارة إلى كمال قدرته ، والعليم إشارة إلى كمال علمه ، ومعناه : أن تقدير الأفلاك بصفاتها المخصوصة ، وهيآتها المحدودة ، وحركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة فى البطء والسرعة ، لا يمكن تحصيله إلا بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات ، وعلم نافذ فى جميع المعلومات من الكليات والجزئيات ، وذلك تصريح بأن حصول هذه الأحوال والصفات ليس بالطبع والخاصة ، وإنما هو بتخصيص الفاعل المختار والله أعلم .
وقوله : { فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَنًا } أي : خالق الضياء والظلام ، كما قال في أول السورة : { وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } فهو سبحانه يفلق ظلام الليل عن غرة الصباح ، فيضيء الوجود ، ويستنير الأفق ، ويضمحل الظلام ، ويذهب الليل بدآدئه{[10980]} وظلام رواقه ، ويجيء النهار بضيائه وإشراقه ، كما قال [ تعالى ]{[10981]} { يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا } [ الأعراف : 54 ] ، فبين تعالى قدرته على خلق الأشياء المتضادة المختلفة الدالة على كمال عظمته وعظيم سلطانه ، فذكر أنه فالق الإصباح وقابل ذلك بقوله : { وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَنًا } أي : ساجيا مظلما تسكن فيه الأشياء ، كما قال : { وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } [ الضحى : 1 ، 2 ] ، وقال { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } [ الليل : 1 ، 2 ] ، وقال { وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } [ الشمس : 3 ، 4 ] .
وقال صهيب الرومي [ رضي الله عنه ]{[10982]} لامرأته وقد عاتبته في كثرة سهره : إن الله جعل الليل سكنا إلا لصهيب ، إن صهيبا إذا ذكر الجنة طال شوقه ، وإذا ذكر النار طار نومه ، رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : { وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا } أي : يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصرا ، كما قال [ تعالى ]{[10983]} { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ [ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ]{[10984]} } الآية [ يونس : 5 ] ، وكما قال : { لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ يس : 40 ] ، وقال { وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } [ الأعراف : 54 ] .
وقوله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } أي : الجميع جار بتقدير العزيز الذي لا يمانع ولا يخالف العليم بكل شيء ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وكثيرًا ما إذا ذكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم ، كما ذكر في هذه الآية ، وكما في قوله : { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [ يس : 37 ، 38 ] .
ولما ذكر خلق السموات والأرض وما فيهن في أول سورة { حم } السجدة ، قال : { وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [ فصلت : 12 ] .
{ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ الْلّيْلَ سَكَناً وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } .
يعني بقوله : فالِقُ الإصْباحِ شاقّ عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده . والإصباح : مصدر من قول القائل : أصبحنا إصباحاً .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال عامة أهل التأويل . ذكر من قال ذلك .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : فالِقُ الإصْباحِ قال : إضاءة الصبح .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فالِقُ الإصْباحِ قال : إضاءة الفجر .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : فالِقُ الإصْباحِ قال : فالق الصبح .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله : فالِقُ الإصْباحِ يعني بالإصباح : ضوء الشمس باالنهار ، وضوء القمر بالليل .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن القاسم ابن أبي بزّة ، عن مجاهد : فالِقُ الإصْباحِ قال : فالق الصبح .
حدثنا به ابن حميد مرّة بهذا الإسناد ، عن مجاهد ، فقال في قوله : فالِقُ الإصْباحِ قال : إضاءة الصبح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا بن وهب ، قال : قال بن زيد ، في قوله : فالِقُ الإصْباحِ قال : فلق الإصباح عن الليل .
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فالِقُ الإصْباحِ يقول : خالق النور ، نور النهار .
وقال آخرون : معنى ذلك : خالق الليل والنهار . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : «فالقُ الإصباحِ وجاعلُ الليلِ سكَنا » يقول : خلق الليل والنهار ، وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ في قوله : فالِقُ الإصْباحِ بفتح الألف كأنه تأوّل ذلك بمعنى جمع صبح ، كأنه أراد صبح كلّ يوم ، فجعله أصباحاً ولم يبلغنا عن أحد سواه أنه قرأ كذلك . والقراءة التي لا نستجيز غيرها بكسر الألف فالِقُ الإصْباحِ لإجماع الحجة من القراءة وأهل التأويل على صحة ذلك ورفض خلافه .
وأما قوله : «وَجاعِلُ اللّيْلِ سَكَناً » فإن القرّاء اختلفت في قراءته ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والمدينة وبعض البصريين : «وَجاعِلُ اللّيْلِ » بالألف . على لفظ الاسم ورفعه عطفاً على «فالق » ، وخفض «الليل » بإضافة «جاعل » إليه ، ونصب «الشمس » و «القمر » عطفاً على موضع «الليل » لأن «الليل » وإن كان مخفوضاً في اللفظ فإنه في موضع النصب ، لأنه مفعول «جاعل » ، وحَسُن عطف ذلك على معنى الليل لا على لفظه ، لدخول قوله : سَكَناً بينه وبين الليل قال الشاعر :
قُعُوداً لَدَى الأبْوَابِ طُلاّبَ حاجَةٍ ***عَوَانٍ مِنَ الحاجاتِ أوْ حاجَةً بِكْرَا
فنصب الحاجة الثانية عطفاً بها على معنى الحاجة الأولى ، لا على لفظها لأن معناها النصب وإن كانت في اللفظ خفضاً . وقد يجيء مثل هذا أيضاً معطوفاً بالثاني على معنى الذي قبله لا على لفظه ، وإن لم يكن بينهما حائل ، كما قال بعضهم :
فَبَيْنَا نَحْنُ نَنْظُرُهُ أتانَا ***مُعَلّقَ شَكْوَةٍ وزِنادَ رَاعِ
وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين : وَجَعَلَ اللّيْلَ سَكَناً والشّمْسَ على «فَعَلَ » بمعنى الفعل الماضي ونصب «الليل » . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار ، متفقتا المعنى غير مختلفتيه ، فبأيتهما قرأ القارىء فهو مصيب في الإعراب والمعنى . وأخبر جلّ ثناؤه أنه جعل الليل سكناً ، لأنه يسكن فيه كلّ متحرك بالنهار ويهدأ فيه ، فيستقرّ في مسكنه ومأواه .
القول في تأويل قوله تعالى : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً .
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وجعل الشمس والقمر يجريان في أفلاكهما بحساب . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن بن عباس : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً يعني : عدد الأيام والشهور والسنين .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن بن عباس : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً قال : يجريان إلى أجل جُعِل لهما .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً يقول : بحساب .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، في قوله : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً قال : الشمس والقمر في حساب ، فإذا خلت أيامهما فذاك آخر الدهر وأوّل الفزع الأكبر ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً قال : يدوران في حساب .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن بن جريج ، عن مجاهد : والشّمْسُ والقَمَرُ حُسْباناً قال : هو مثل قوله : كُلّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ، ومثل قوله : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً .
وقال آخرون : معنى ذلك : وجعل الشمس والقمر ضياء . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً أي ضياء .
وأولى القولين في تأويل ذلك عندي بالصواب تأويل من تأوّله : وجعل الشمس والقمر يجريان بحساب وعدد لبلوغ أمرها ونهاية آجالهما ، ويدوران لمصالح الخلق التي جُعِلا لها .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالاَية ، لأن الله تعالى ذِكره ذكر قبله أياديه عند خلقه وعظم سلطانه ، بفلقه الإصباح لهم وإخراج النبات والغراس من الحبّ والنوى ، وعقب ذلك بذكره خلق النجوم لهدايتهم في البرّ والبحر ، فكان وصفه إجراء الشمس والقمر لمنافعهم أشبه بهذا الموضع من ذكر إضاءتهما لأنه قد وصف ذلك قبلُ قوله : فالِقُ الإصْباحِ فلا معنى لتكريره مرّة أخرى في آية واحدة لغير معنى . والحسبان في كلام العرب : جمع حساب ، كما الشبهان جمع شهاب وقد قيل : إن الحسبان في هذا الموضع مصدر من قول القائل : حَسَبْتُ الحِساب أحْسُبه حِساباً وحُسْباناً . وحُكي عن العرب على الله حُسْبان فلان وحِسْبَته : أي حسابه . وأحسب أن قتادة في تأويل ذلك بمعنى الضياء ، ذهب إلى شيء يرْوَى عن ابن عباس في قوله : أوْ يُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السّماءِ قال : ناراً ، فوجه تأويل قوله : والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً إلى ذلك التأويل . وليس هذا من ذلك المعنى في شيء . وأما «الحِسْبان » بكسر الحاء : فإنه جمع الحِسبانة : وهي الوسادة الصغيرة ، وليست من الأوليين أيضاً في شيء ، يقال : حَسِبته : أجلسته عليها ، ونصب قوله : حُسْباناً بقوله : وَجَعَلَ . وكان بعض البصريين يقول : معناه : و والشّمْسَ والقَمَرَ حُسْباناً أي بحساب ، فحذف الباء كما حذفها من قوله : هُوَ أعْلَمُ مَنْ يَضِلّ عَنْ سَبِيلهِ : أي أعلم بمن يضلّ عن سبيله .
القول في تأويل قوله تعالى : ذلك تَقْدِيرُ العَزِيرِ العَلِيمِ .
يقول تعالى ذكره : وهذا الفعل الذي وصفه أنه فعله ، وهو فَلْقُه الإصباح وَجَعْلُه الليل سكَناً والشمس والقمر حُسباناً ، تقدير الذي عزّ سلطانه ، فلا يقدر أحد أراده بسوء وعقاب أو انتقام من الامتناع منه ، العليم بمصالح خلقه وتدبيرهم لا تقدير الأصنام والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تفقه شيئاً ولا تعلقه ولا تضرّ ولا تنفع ، وإن أريدت بسوء لم تقدر على الامتناع منه ممن أرادها به . يقول جلّ ثناؤه : وأخلِصوا أيها الجهلة عبادتكم لفاعل هذه الأشياء ، ولا تشركوا في عبادته شيئاً غيره .