لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيۡلَ سَكَنٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (96)

وكما فَلَقَ صبحَ الكون فأشرقَتْ الأنوارُ كذلك فَلَقَ صبحَ القلوبِ فاستنارت به الأسرار ، وكما جعل الليل سَكَناً لِتَسْكَنَ فيه النفوس من كدِّ التصرف عن أسباب المَعَاش كذلك جعل الليلَ سَكَناً للأحباب يَسْكَنونَ فيه إلى روح المناجاة إذا هدأت العيونُ من الأغيار .

وجعل الشمس والقمر يجريان بحسبان معلوم على حد معلوم ، فالشمس بوصفها مذ خُلِقَت لم تنقص ولم تزِدْ ، والقمر لا يبقى ليلةً واحدةً على حالة واحدة فأبداً في الزيادة والنقصان ، ولا يزال ينمو حتى يصير بدراً ، ثم يتناقص حتى لا يُرى ، ثم يأخذ في الظهور ، وكذلك دأبُه دائماً إلى أَنْ تُنْقضَ عليه العادة .