الآية 96 وقوله تعالى : { فالق الإصباح } هو يحتمل الوجهين اللذين ذكرتهما في قوله تعالى : { فالق الحب والنوى } [ يحتمل الإخبار ]{[7480]} من ابتداء خلقه ، ويحتمل الشق أي يشق النهار من الليل والليل من النهار بعد ما تلف كل واحد منهما ، ولم{[7481]} يبق له أثر . ففيه دليل البعث والإحياء بعد الموت ؛ أي إن الذي قدر على إنشاء النهار والليل من النهار بعد ما تلف ، وذهب أثره لقادر على إنشاء الخلق وبعثهم بعد الموت وذهاب آثارهم .
وقوله تعالى : { وجعل الليل سكنا } وراحة للخلق { وجعلنا النهار معاشا } [ النبإ : 11 ] لهم يعيشون فيه ، وجعلهما آيتين من آيات ربوبيته ووحدانيته مسخرين يغلبان الخلائق ، ويقهرانهم ، ويكونون/ 156-أ/ تحت سلطانهما ، ويجريان على سنن واحد أن لهما مدبرا خالفا عليهما ، ولو كان يجريان بطباعهما لكان يختلف جريانهما ، [ ولو لم يتسق عدل اتساقهما وجريانهما ]{[7482]} مجرى واحدا لكان{[7483]} لعير فيهما تدبير{[7484]} . وكذلك الشمس والقمر جعلهما مسخرين لمنافع الخلق لنضج الأنزال وينعها ولمعرفة عدد الأيام والشهور والسنين ، ويجريان مجرى واحدا ومسلكا واحدا غير مختلف ؛ دل ذلك أنهما كانا بمدبر عليم حكيم .
وفي قوله تعالى : { فالق الإصباح وجعل الليل سكنا } دلالة نقض المعتزلة لأن الإصباح هو فعل الخلق لأنه مصدر أصبح ، وكذلك السكن هو فعل الخلق ، ثم أضاف ذلك كله إلى نفسه ، دل أنه خالق أفعالهم .
وقوله تعالى : { والشمس والقمر حسبانا } اختلف فيه : قال أبو عبيد : هو من الحساب ، وهو حساب وحسبان مثل شهاب وشهبان ، وهو كقوله تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب } [ يونس : 5 ] وقيل : { حسبانا } أي جريانا يجريان ، ويدوران أبدا ، لا يستريحان ؛ دل أنهما كانا [ ليسا ]{[7485]} بغير مسخرين للخلق لأنهما لو كان بطباعهما لكانا يستريحان ، وقيل : { حسبانا } أي ضياء كقوله تعالى : { جعل الشمس ضياء والقمر نورا } [ يونس : 5 ] والله أعلم بذلك .
وقوله تعالى : { ذلك تقدير العزيز العليم } أي ذلك الجريان الذي ذكر ، وتلك المنافع التي جعلت فيهما { تقدير العزيز } قال الحسن : { العزيز } هو الذي لا يعجزه شيء ، و{ العزيز } هو الذي يعز كل عزيز . وقال بعضهم أهل التأويل { العزيز } المنيع في سلطانه المنتقم من أعدائه { العليم } بمصالح الخلق وبما كان ، ويكون ، وبحوائجهم ، وبالله التوفيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.