معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيۡلَ سَكَنٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (96)

وقوله : { فَالِقُ الإِصْبَاحِ . . . }

والإصباح مصدر أصبحنا إصباحا ، والأصباح صُبْح كل يوم بمجموع .

وقوله : { وَجَعَلَ الْلَّيْلَ سَكَنا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانا } الليل في موضع نصب في المعنى . فردّ الشمس والقمر على معناه لما فرق بينهما بقوله : { سكنا } فإذا لم تفرق بينهما بشيء آثروا الخفض . وقد يجوز أن ينصب وإن لم يحل بينهما بشيء ؛ أنشد بعضهم :

وبينا نحن ننظره أتانا *** معلِّقَ شَكْوةٍ وزِنادَ راع

وتقول : أنت آخذٌ حقَّك وحَقِّ غيرك فتضيف في الثاني وقد نوَّنت في الأوّل ؛ لأن المعنى في قولك : أنت ضارب زيدا وضاربُ زيدٍ سواء . وأحسن ذلك أن تحول بينهما بشيء ؛ كما قال امرؤ القيس :

فظلّ طُهاة اللحم من بينِ مُنْضِج *** صفيفَ شِواء أو قَدِيرٍ معجَّلِ

فنصب الصفيف وخفض القَدِير على ما قلت لك .