التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر } لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والمراد بالصلاة : المداومة عليها .

أى : ما دمنا قد أعطيناك هذه النعم الجزيلة ، فداوم على شكرك لنا ، بأن تواظب على أداء الصلاة أداء تاما ، وبأن تجعلها خالصة لربك وخالقك ، وبأن تواظب - أيضاً - على نحرك الإِبل تقرباً إلى ربك . كما قال - سبحانه - { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين . لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

( فصل لربك وانحر ) .

بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة ، على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون ، وجه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إلى شكر النعمة بحقها الأول . حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه . . في الصلاة وفي ذبح النسك خالصا لله : ( فصل لربك وانحر ) . . غير ملق بالا إلى شرك المشركين ، وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم .

وفي تكرار الإشارة إلى ذكر اسم الله وحده على الذبائح ، وتحريم ما أهل به لغير الله ، وما لم يذكر اسم الله عليه . . ما يشي بعناية هذا الدين بتخليص الحياة كلها من عقابيل الشرك وآثاره . لا تخليص التصور والضمير وحدهما . فهو دين الوحدة بكل معنى من معانيها ، وكل ظل من ظلالها ؛ كما أنه دين التوحيد الخالص المجرد الواضح . ومن ثم فهو يتتبع الشرك في كل مظاهره ، وفي كل مكامنه ؛ ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة سواء استكن في الضمير ، أم ظهر في العبادة ، أم تسرب إلى تقاليد الحياة فالحياة وحدة ما ظهر منها وما بطن ، والإسلام يأخذها كلا لا يتجزأ ، ويخلصها من شوائب الشرك جميعا ، ويتجه بها إلى الله خالصة واضحة ناصعة ، كما نرى في مسألة الذبائح وفي غيرها من شعائر العبادة أو تقاليد الحياة . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

{ فصل لربك } فدم على الصلاة خالصا لوجه الله تعالى خلاف الساهي عنها المرائي فيها ، شكرا لإنعامه ، فإن الصلاة جامعة لأقسام الشكر ، وانحر البدن التي هي خيار أموال العرب ، وتصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم ويمنع عنهم الماعون ، فالسورة كالمقابلة للسورة المتقدمة ، وقد فسرت الصلاة بصلاة العيد ، والنحر بالتضحية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

وقوله تعالى : { فصلّ لربك وانحر } أمر بالصلاة على العموم ، ففيه المكتوبات بشروطها والنوافل على ندبها ، والنحر : نحر البدن والنسك في الضحايا في قول جمهور الناس ، فكأنه قال : ليكن شغلك هذين ، ولم يكن في ذلك الوقت جهاد ، وقال أنس بن مالك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة ، فأمر أن يصلي وينحر ، وقال قتادة والقرطبي وغيره : في الآية طعن على كفار مكة ، أي إنهم يصلون لغير الله مكاء{[12007]} وتصدية ، وينحرون للأصنام ونحوه ، فافعل أنت هذين لربك تكن على صراط مستقيم . وقال ابن جبير : نزلت هذه الآية يوم الحديبية وقت صلح قريش . قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم : صل وانحر الهدي ، وعلى هذا تكون الآية من المدني . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : معنى الآية : صل لربك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة ، فالنحر على هذين ليس بمصدر نحر ؛ بل هو الصدر . وقال آخرون المعنى : ارفع يدك في استفتاح صلاتك عند نحرك .


[12007]:المكاء: الصفير بالفم، أو بعد وضع أصابع اليد فيه. والتصدية: التصفيق باليدين.