التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (24)

ثم ساق - سبحانه - مثلا لمتاع الحياة الدنيا والزائل ، ولزخرفها الفانى ، فقال - تعالى - :

{ إِنَّمَا مَثَلُ الحياة الدنيا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ . . . }

قوله - سبحانه - { إِنَّمَا مَثَلُ . . . } المثًل بمعنى المِثْل ، والمِثْل : النظير والشبيه ، ثم اطلق على القول السائر بالمعروف لمماثلة مضربه - وهو الذي يضرب فيه - لمورده الذي ورد فيه أولا ، ولا يكون إلا فيما فيه غرابة ، ثم استعير للصفة أو الحال أو القصة إذاكان لها شأن عجيب وفيها غرابة ، وعلى هذا المعنى يحمل المثل في هذه الآية وأشباهها .

والأمثال إنما تضرب لتوضيح المعنى الخفي ، وتقريب الشيء المعقول من الشىء المحسوس ، وعرض الأمر الغائب في صورة المشاهد ، فيكون المعنى الذي ضرب له المثل أوقع في القلوب ، وأثبت في النفوس .

والمعنى : إنما صفة الحياة الدنيا وحالها في سرعة زوالها ، وانصرام نعيمها بعد إقباله . كحال ماء { أَنزَلْنَاهُ مِنَ السمآء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض } أى : فكثر بسببه نبات الأرض حتى التف وتشابك بعضه ببعض لازدهاره وتجاوزه ونمائه .

وشبه - سبحانه - الحياة الدنيا بماء السماء دون ماء الأرض ، لأن ماء السماء وهو المطر لا تأثير لكسب العبد فيه بزيادة أو نقص - بخلاف ماء الأرض - فكان تشبيه الحياة به أنسب .

وقوله : { مِمَّا يَأْكُلُ الناس والأنعام } معناه : وهذا النبات الذي نما وازدهر بسبب نزول المطر من السماء ، بعضه مما يأكله الناس كالبقول والفواكه . وبعضه مما تأكله الأنعام كالحشائش والأعشاب المختلفة .

وجملة { مِمَّا يَأْكُلُ الناس والأنعام } حال من النبات .

وقوله : { حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت . . } تصوير بديع لما صارت عليه الأرض بعد نزول الماء عليها ، وبعد أن أنبتت من كل زوج بهيج .

ولفظ { حتى } غاية لمحذوف : أي نزل المطر من السماء فاهتزت الأرض وربت وأنبتت النبات الذي ما زال ينمو ويزدهر حتى أخذت الأرض زخرفها .

والزخرف : الذهب وكمال حسن الشيء . ومن القول أحسنه ، ومن الأرض ألوان نباتها .

أى : حتى إذا استوفت الأرض حسنها وبهاءها وجمالها ، وازينت بمختلف أنواع النباتات ذات المناظر البديعة ، والأولان المتعددة .

قال صاحب الكشاف : " وهو كلام فصيح . جعلت الأرض آخذة زخرفها وزينتها على التمثيل بالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة من كل لون فاكتستها ، وتزينت بغيرها من ألوان الزينة ، أصل ازينت تزينت " .

وقوله : { وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } أي : وظن أهل تلك الأرض الزاخرة بالنباتات النافعة . أنهم قادرون على قطف ثمارها ، ومتمكنون من التمتع بخيراتها ، ومن الانتفاع بغلاتها .

وقوله : { أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً . . } تصوير معجز لما أصاب زرعها من هلاك بعد نضرته واستوائه و { أو } للتنويع أي : تارة يأتي ليلا وتارة يأتي نهارا .

والجملة الكريمة جواب إذا في قوله { حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا . . } .

أى : بعد أن بلغت الأرض الذروة في الجمال وفى تعلق الآمال بمنافع زروعها ، أتاها قضاؤنا النافذة ، وأمرنا المقدر لإِهلاكها بالليل وأصحابها نائمون ، أو بالنهار وهم لا هون ، فجعلناها بما عليها كالأرض المحصودة ، التي استؤصل زرعها .

وقوله : { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس } تأكيد لهلاكها واستئصال ما عليها من نبات بصورة سريعة حاسمة .

أي : جعلناهها كالأرض المحصودة التي قطع زرعها ، حتى لكأنها لم يكن بها منذ وقت قريب : الزرع النضير ، والنبات البهيج ، الباسق ، والطلع النضيد .

قال القرطبى قوله : { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس } أي : لم تكن عامرة . من غني بالمكان إذا أقام فيه وعمره ، والمغانى في اللغة : المنازل التي يعمرها الناس .

وقال ابن كثير : قوله : { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس } أي كأنها ما كانت حينا قبل ذلك ، وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكنن ولهذا جاء في الحديث الشريف : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة فيقال له : هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا . ويؤتى بأشد الناس عذابا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة ثم يقال له : هل رأيت بؤسا قط فيقول لا " .

والمراد بالأمس هنا : الوقت الماضى القريب : لا خصوص اليوم الذي قبل يومك .

وقوله : { كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } تذييل قصد به الحض على التفكير والاعتبار .

أى : كهذا المثل في وضوحه وبيانه لحال الحياة الدنيا ، وقصر مدة التمتع بها نفصل الآيات ونضرب الأمثال الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا لقوم يحسنون التفكير والتدبر في ملكوت السموات والأرض .

قال الجمل ما ملخصه : " وهذه الآية مثل ضربه الله - تعالى - للمتشبث في الدنيا الراغب في زهرتها وحسنها . . ووجه التمثيل أن غاية هذه الدنيا التي ينتفع بها المرء ، كناية عن هذا النبات الذي لما عظم الرجاء في الانتفاع به ، وقع اليأس منه ، ولأن المتمسك بالدنيا إذا نال منها بغيته أتاه الموت بغتة فسلبه ما هو فيه من نعيم الدنيا ولذتها " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (24)

1

وما قيمة ( متاع الحياة الدنيا )هذا وما حقيقته ? يصور السياق هذه الحقيقة في مشهد من مشاهد القرآن التصويرية الحافلة بالحركة والحياة ، وهي مع ذلك من المشاهدات التي تقع في كل يوم ، ويمر عليها الأحياء دون انتباه :

( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام . حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت ، وظن أهلها أنهم قادرون عليها . . أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس . كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) . .

ذلك مثل الحياة الدنيا التي لا يملك الناس إلا متاعها ، حين يرضون بها ، ويقفون عندها ، ولا يتطلعون منها إلى ما هو أكرم وأبقى . .

هذا هو الماء ينزل من السماء ، وهذا هو النبات يمتصه ويختلط به فيمرع ويزدهر . وها هي ذي الأرض كأنها عروس مجلوة تتزين لعرس وتتبرج . وأهلها مزهوون بها ، يظنون أنها بجهدهم ازدهرت ، وبإرادتهم تزينت ، وأنهم أصحاب الأمر فيها ، لا يغيرها عليهم مغير ، ولا ينازعهم فيها منازع .

وفي وسط هذا الخصب الممرع ، وفي نشوة هذا الفرح الملعلع ، وفي غمرة هذا الاطمئنان الواثق . .

( أتاها أمرنا ليلا أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس ) . .

في ومضة ، وفي جملة ، وفي خطفة . . وذلك مقصود في التعبير بعد الإطالة في عرض مشهد الخصب والزينة والاطمئنان .

وهذه هي الدنيا التي يستغرق فيها بعض الناس ، ويضيعون الآخرة كلها لينالوا منها بعض المتاع

هذه هي . لا أمن فيها ولا اطمئنان ، ولا ثبات فيها ولا استقرار ، ولا يملك الناس من أمرها شيئا إلا بمقدار .

هذه هي . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَالأنْعَامُ حَتّىَ إِذَآ أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازّيّنَتْ وَظَنّ أَهْلُهَآ أَنّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لّمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إنما مثل ما تباهون في الدنيا وتفاخرون به من زينتها وأموالها مع ما قد وكل بذلك من التكدير والتنغيص وزواله بالفناء والموت ، كَمثل ماءٍ أنْزَلْنَاهُ مِنَ السّماءِ يقول : كمطر أرسلناه من السماء إلى الأرض ، فاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ يقول : فنبت بذلك المطر أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخُراساني ، عن ابن عباس ، قوله : إنّمَا مَثَلُ الحَياةِ الدّنْيَا كمَاء أنْزَلْنَاهُ مِنَ السّماءِ فاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ قال : اختلط فنبت بالماء كل لون مِمّا يأْكُلُ النّاسُ كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار ، وما يأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي .

وقوله : حتى إذَا أخَذَت الأرْضُ زُخْرُفَها يعني : ظهر حسنها وبهاؤها . وَازّيّنَتْ يقول : وتزينت . وَظَنّ أهْلُها يعني : أهل الأرض ، أنّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا يعني : على ما أنبتت . وخرج الخبر عن الأرض ، والمعنى للنبات ، إذا كان مفهوما بالخطاب ما عنى به . وقوله : أتاها أمْرُنا لَيْلاً أوْ نَهارا يقول : جاء الأرض أمرنا يعني قضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات إما ليلاً وإما نهارا . فَجَعَلْناها يقول : فجعلنا ما عليها ، حَصِيدا يعني مقطوعة مقلوعة من أصولها ، وإنما هي محصودة صرفت إلى حصيد ، كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ يقول : كأن لم تكن تلك الزروع والنبات على ظهر الأرض نابته قائمة على الأرض قبل ذلك بالأمس ، وأصله : من غني فلان بمكان كذا ، يَغْنَى به : إذا أقام به ، كما قال النابغة الذبياني :

غَنِيَتْ بذلكَ إذْ هُمُ لي جِيرَة *** مِنْها بعَطْف رِسالَةٍ وَتَوَدّدِ

يقول : فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهون به من دنياكم وزخارفها ، فيفنيها ويهلكها كما أهلك أمرنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حسنها وبهجتها حتى صارت كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ كأن لم تكن قبل ذلك نباتا على ظهرها . يقول الله جلّ ثناؤها : كَذلكَ نُفَصّلُ الاَياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ يقول : كما بينا لكم أيها الناس مثل الدنيا وعرّفناكم حكمها وأمرها ، كذلك نبين حججنا وأدلتنا لمن تفكر واعتبر ونظر . وخصّ به أهل الفكر ، لأنهم أهل التمييز بين الأمور والفحص عن حقائق ما يعرض من الشبه في الصدور .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : حتى إذَا أخَذَتِ الأرْضُ زُخُرُفَها . . . الآية : أي والله لئن تشبث بالدنيا وحدب عليها لتوشكن الدنيا أن تلفظه وتقضى منه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَازّيّنَتْ قال : أنبتت وحسنت .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الرحمن ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، قال : سمعت مروان يقرأ على المنبر هذه الآية : حتى إذَا أخَذَتِ الأرْضُ زُخْرَفَها وَازّيّنَتْ وَظَنّ أهْلُها أنّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها . قال : قد قرأتها ، وليست في المصحف ، فقال عباس بن عبد الله بن العباس : هكذا يقرؤها ابن عباس . فأرسلوا إلى ابن عباس فقال : هكذا أقرأني أُبيّ بن كعب .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ يقول : كأن لم تَعِشْ ، كأن لم تنعم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : أبو أسامة ، عن إسماعيل ، قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : في قراءة أبيّ : كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأَمْسِ وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها . كذلكَ نُفَصّلُ الاَياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَازّيّنَتْ فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والعراق : وَازّيّنَتْ بمعنى : وتزينت ، ولكنهم أدغموا التاء في الزاي لتقارب مخرجيهما ، وأدخلوا ألفا ليوصل إلى قراءته ، إذا كانت التاء قد سكنت والساكن لا يبتدأ به . وحُكى عن أبي العالية وأبي رجاء والأعرج وجماعة أخر غيرهم أنهم قرءوا ذلك : «وأزْيَنَتْ » على مثال أفْعَلَتْ .

والصواب من القراءة في ذلك : وَازّيَنَتْ لإجماع الحجة من القرّاء عليها .