الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (24)

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } في فنائها وزوالها { كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ } من الحبوب والبقول والثمار { وَالأَنْعَامُ } من الحشيش والمراعي .

{ حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا } حسنها وبهجتها { وَازَّيَّنَتْ } هذا قراءة العامة ، وتصديقها قراءة عبد الله بن مسعود : وتزينت ، وقرأ أبو عثمان النهدي والضحاك : وأزّانت على وزن اجّازت قال عوف بن أبي جميلة : كان أشياخنا يقرأونها كذلك وازيانت نحو اسوادّت ، وقرأ أبو رجاء وأبو العالية والشعبي والحسن والأعرج : وأزينت على وزن أفعلت مقطوعة الألف[ بالتخفيف ] ، قال قطرب : معناه : أتت بالزينة عليها ، كقولهم : أحبّ فأذمّ واذكرت المرأة فأنثت { وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } أخبر عن الأرض ويعني للنبات إذ كان مفهوماً وقيل : ردّه إلى الغلّة وقيل : إلى الزينة { أَتَاهَآ أَمْرُنَا } قضاؤنا بهلاكها { لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } مقطوعة مقلوعة وهي محصورة صرفت إلى حصيد { كَأَن لَّمْ تَغْنَ } تكن ، وأصلة من غني المكان إذا أقام فيه وعمّره ، وقال مقاتل : تغم ، وقرأها العامة : تغن بالتاء لتأنيث الأرض ، وقرأها قتادة بالياء يذهب به إلى الزخرف { كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ *