جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (24)

{ إنما مثل الحياة الدنيا } في سرعة تقضيها واغترار الناس بها ، { كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض } أي : بسببه اشتبك نبات الأرض حتى خالط بعضه بعضا ، { مما يأكل الناس } من الزرع والبقل ، { والأنعام } من الحشيش { حتى أخذت الأرض زخرفها وازينت } كعروس أخذت ألوان ثيابها وحيلها فتزينت بها وأصل ازينت تزينت فأدغم ، { وظن أهلها } أهل الأرض ، { أنهم قادرون عليها } متمكنون من منفعتها محصلون لثمرتها ، { آتاها أمرها } وهو ضرب زرعها ببعض العاهات ، { ليلا أو نهارا فجعلناها } أي زرعنا ، { حصيدا } شبيها بما حصد ، { كأن لم تعن } أي : كأن لم يلبث ولم يكن زرعها على حذق المضاف ، { بالأمس } والأمس مثل في الوقت القريب يعني المتسبب بالدنيا المغرور بها يأتيه عذابه أغفل ما يكون ومضمون الحكاية{[2158]} وهو الممثل{[2159]} لا الماء وحده ، { كذلك } مثل ذلك التبيين ، { نفصل الآيات لقوم يتفكرون } فإنهم المنتفعون بها .


[2158]:وهو زوال خضرة النبات فجأة وذهابه حطاما بعدما التف وزين الأرض حتى طمع فيها أهلها وظنوا أنهم حصلوها سالمة عن الحوائج.
[2159]:أي: ليس المشبه به هو ما دخله الكاف في قوله: "كماء"؛ بل ما يفهم من الكلام.