التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (37)

وقد رد عليهم موسى ردا منطقيا حكيما ، حكاه القرآن فى قوله : { وَقَالَ موسى ربي أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بالهدى مِنْ عِندِهِ . . } .

أى : وقال موسى فى رده على فرعون وملئه : ربى الذى خلقنى وخلقكم ، أعلم منى ومنكم بمن جاء بالهدى والحق من عنده ، وسيحكم بينى وبينكم بحكمه العادل .

ولم يصرح موسى - عليه السلام - بأنه يريد نفسه ، بالإتيان بالهداية لهم من عند الله - تعالى - ليكفكف من عنادهم وغرورهم ، وليرخى لهم حبل المناقشة ، حتى يخرس ألسنتهم عن طريق المعجزات التى أيده الله - تعالى - بها .

وقوله : { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدار } معطوف على ما قبله .

أى : وربى - أيضا - أعلم منى ومنكم بمن تكون له النهاية الحسنة ، والعاقبة الحميدة .

قال الآلوسى : وقوله : { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدار } وهى الدنيا ، وعاقبتها أن يختم للإنسان بها ، بما يفضى به إلى الجنة بفضل الله - تعالى - وكرمه .

وقوله - سبحانه - { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون } تذييل قصديه ببان سنة من سننه - تعالى - التى لا تتخلف أى أنه - سبحانه - قد اقتضت سنته أن لا يفوز الظالمون بمطلوب بل الذين يفوزون بالعاقبة الحميدة هم الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا .