محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (37)

{ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ } قال المهايمي : معناه : كفى دليلا على كونها آيات ، أنها خوارق لم يسبق لها نظير ، مع أن ما جئت به هدى . والساحر لا يدعو في العموم إلى هدى . فإن لم تعترفوا بكونه هدى فربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده وعلم ذلك بالعاقبة فإن الله يحسن عاقبة أهل الهدى لا محالة . لأنه يعلم من تكون له عاقبة الدار . وهي العاقبة المحمودة . والمراد ب { الدار } الدنيا . وعاقبتها وعقباها : أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت . وهذه لا تكون للساحر إذا ادعى النبوة ، لأنه ظالم فلا يفلح بالعاقبة الحميدة كما قال : { إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } أي بالدار وإن وجدوا بعد مقاصدهم أولا استدراجا ، فلا يفوزون بالعقبى الحميدة . وإنما غاية أمرهم انقطاع أثرهم وسوء ذكرهم . وقد حقق الله هذا الوعد فجعل عاقبة قوم موسى رفيعة ونهاية أعدائه وضيعة .