البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (37)

{ قال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده } ، حيث أهله للرسالة ، وبعثه بالهدى ، ووعده حسن العقبى ، ويعني بذلك نفسه ، ولو كان كما يزعمون لم يرسله .

ثم نبه على العلة الموجبة لعدم الفلاح ، وهي الظلم . وضع الشيء غير موضعه ، حيث دعوا إلى الإيمان بالله ، وأتوا بالمعجزات ، فادعوا الإلهية ، ونسبوا ذلك المعجز إلى السحر .

وعاقبة الدار ، وإن كانت تصلح للمحمودة والمذمومة ، فقد كثر استعمالها في المحمودة ، فإن لم تقيد ، حملت عليها .

ألا ترى إلى قوله : { أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن } وقال : { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } وقرأ ابن كثير : قال موسى ، بغير واو ؛ وباقي السبعة : بالواو .

ومناسبة قراءة الجمهور أنه لما جاءهم بالبينات قالوا : كيت وكيت ، وقال موسى : كيت وكيت ؛ فيتميز الناظر فصل ما بين القولين وفساد أحدهما ، إذ قد تقابلا ، فيعلم يقيناً أن قول موسى هو الحق والهدى .

ومناسبة قراءة ابن كثير ، أنه موضع قراءة لما قالوا : كيت وكيت ، قال موسى : كيت وكيت .