التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (57)

ثم توعد - سبحانه - الذين يسيئون إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بأى لون من ألوان الإِساءة فقال : { إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدنيا والآخرة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } .

والمراد بأذى الله ورسوله : ارتكاب ما يبغضان ويكرهان من الكفر والفسوق والعصيان ، ويشمل ذلك ما قاله اليهود : عزير ابن الله ، ويد الله مغلولة ، وما قاله النصارى : من أن المسيح ابن الله ، كما يشمل ما قاله الكافرون فى الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه كاهن أو ساحر أو شاعر . .

وقيل : إن المقصود بالآية هنا : إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة ، وذكر الله - تعالى - معه للتشريف ، وللإِشارة إلى أن ما يؤذى الرسول يؤذى الله - تعالى - ، كما جعلت طاعة الرسول ، طاعة لله .

قال ابن كثير : والظهر أن الآية عامة فى كل من آذى الرسول صلى الله عليه وسلم بشئ ، فإن من آذاه فقد آذى الله ، ومن أطاعه فقد اطاع الله ، ففى الحديث الشريف : " الله الله فى أصحابى ، لاتتخذوهم غرضا بعدى ، فمن أحبهم فبحبى أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذانى ، ومن آذانى فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه " .

أى : إن الذين يؤذون الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم ، بارتكاب ما لا يراضه من كفر أو شرك أو فسوق أو عصيان . .

{ لَعَنَهُمُ الله فِي الدنيا والآخرة } أى : طرد الله - تعالى - هؤلاء الذين ارتبوا الأذى من رحمته ، وأبعدهم من رضاه فى الدنيا والآخرة .

{ وَأَعَدَّ لَهُمْ } - سبحانه - فى الآخرة { عَذَاباً مُّهِيناً } أى : عذابا يهينهم ويجعلهم محل الاحتقار والإِزدراء من غيرهم .