ولما أمر الله تعالى باحترام نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن إيذاء نفسه وإيذاء رسوله بقوله تعالى : { إن الذين يؤذون الله } أي : الذي لا أعظم منه ولا نعمة عندهم إلا من فضله { ورسوله } أي : الذي استحق عليهم بما يخبرهم به عن الله تعالى ما لا يقدرون على القيام بشكره { لعنهم الله } أي : أبعدهم وأبغضهم { في الدنيا } بالحمل على ما يوجب السخط { والآخرة } بإدخال دار الإهانة كما قال تعالى : { وأعد لهم عذاباً مهيناً } ( الأحزاب : 57 ) أي : ذا إهانة ، وهو النار ومعنى يؤذون الله يقولون فيه ما صورته أذى وإن كان تعالى لا يلحقه ضرر ، ذلك ، حيث وصفوه بما لا يليق بجلاله من اتخاذ الأنداد ونسبة الولد والزوجة إليه .
قال ابن عباس : هم اليهود والنصارى والمشركون ، فأما اليهود فقالوا : عزير ابن الله ، وقالوا : يد الله مغلولة وقالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء ، وأما النصارى فقالوا : المسيح ابن الله وثالث ثلاثة ، وأما المشركون فقالوا : الملائكة بنات الله ، والأصنام شركاؤه ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد » ، وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار » معنى الحديث : أنه كان من عادة العرب في الجاهلية أن يسبوا الدهر ويذموه عند النوازل لاعتقادهم أن الذي يصيبهم من أفعال الدهر فقال تعالى : أنا الدهر أي : الذي أحل بهم النوازل وأنا فاعل لذلك الذي تنسبونه للدهر في زعمكم وقيل : معنى يؤذون الله يلحدون في أسمائه وصفاته وقيل : هم أصحاب التصاوير ، وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «قال الله عز وجل ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فيخلقوا ذرة وليخلقوا حبة أو شعيرة » ، ويحتمل أن يكون ذلك على حذف مضاف أي : أولياء الله كقوله تعالى : { واسأل القرية } ( يوسف ، 82 ) قال صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب » وقال : «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة » ومعنى الأذى : هو مخالفة أمر الله وارتكاب معاصيه ذكره على ما يتعارفه الناس بينهم ، والله عز وجل منزه عن أن يلحقه أذى من أحد قال بعضهم : أتي بالجلالة تعظيماً والمراد : يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى : { إنما يبايعون الله } ( الفتح : 10 ) وأما إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس : إنه شج في وجهه ، وكسرت رباعيته وقيل : ساحر شاعر مجنون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.