فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (57)

ثم لما ذكر سبحانه ما يجب لرسوله من التعظيم ذكر الوعيد الشديد للذين يؤذونه فقال : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ } قيل المراد بالأذى هنا هو فعل ما يكرهانه من المعاصي ليعم هذا القدر الإيذاء الحقيقي في حق الرسول ، والمجازي في حقه تعالى ، لاستحالة حقيقة التأذي عليه سبحانه ، قال الواحدي قال المفسرون : هم المشركون واليهود والنصارى وصفوا الله بالولد ، فقالوا عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله ، والملائكة بنات الله ، وكذبوا رسول الله وشجوا وجهه ، وكسروا رباعيته ، وقالوا : مجنون ، شاعر ، كذاب ، ساحر وبه قال ابن عباس .

قال القرطبي : وبهذا قال جمهور العلماء ، وقال عكرمة الأذية لله سبحانه بالتصوير والتعرض لفعل ما لا يفعل إلا الله بنحت الصور وغيرها ، وقال جماعة : إن الآية على حذف مضاف والتقدير : إن الذين يؤذون أولياء الله ، وقيل : معنى الأذية الإلحاد في أسمائه وصفاته وأما أذية رسوله فهي كل ما يؤذيه من الأقوال والأفعال ، ومنه ترك الإتباع ، وفعل التقليد لآراء الرجالذية الحاإ

وإيثاره عليه .

{ لَعَنَهُمُ اللهُ } معنى اللعنة الطرد والإبعاد من رحمته ، وجعل ذلك { فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } لتشملهم اللعنة فيهما بحيث لا يبقى وقت من أوقات محياهم ومماتهم إلا اللعنة واقعة عليهم مصاحبة لهم .

{ وَأَعَدَّ لَهُمْ } مع ذلك اللعن { عَذَابًا مُّهِينًا } يصيرون به في الإهانة في الدار الآخرة ، لما يفيده معنى الإعداد من كونه في الدار الآخرة ، عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم حين اتخذ صفية بنت حيي ، وروي عنه : أنها نزلت في الذين قذفوا عائشة ،