الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (31)

و{ تَزْدَرِي } [ هود : 31 ] أصله : تَزْتَرِي ؛ تَفْتَعِلُ مِنْ زَرَى يَزْرِي ، ومعنى : { تَزْدَرِي } : تحتقر ، و«الخير » ؛ هنا : يظهر فيه أَنَّهُ خيرُ الآخرة ، اللَّهم إِلا أَنْ يكونَ ازدراؤهم من جهة الفَقْر ، فيكون الخَيْرُ المال ؛ وقد قال بعضُ المفسِّرين : حيثُ ما ذَكَرَ اللَّه الخيرَ في القرآن ، فهو المَالُ .

قال ( ع ) : وفي هذا الكلام تحامُلٌ ، والذي يشبه أنْ يقال : أنه حيثُ ما ذُكِرَ الخير ، فإِنَّ المَالَ يدْخُل فيه .

( ت ) : وهذا أيضاً غير ملخَّص ، والصواب : أَنَّ الخيرَ أَعمُّ من ذلك كلِّه ، وانظر قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 ] فإِنه يشملُ المال وغيرَهُ ، ونحْوُه : { وافعلوا الخير لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج : 77 ] ، وانظر قوله عليه السلام : " اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَةِ " ، وقَوْلُهُ تعالَى : { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } [ النور : 33 ] ، فهاهنا لا مدْخَل للمالِ إِلا علَى تجوُّز ، وقد يكون الخير المرادُ به المَالُ فَقَطْ ؛ وذلك بحَسَب القرائن ، كقوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْرًا } [ البقرة : 180 ] .

وقوله : { الله أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ } [ هود : 31 ] .

تسليمٌ للَّه تعالَى ، وقال بعضُ المتأوِّلين : هي ردٌّ على قولهم : { اتبعك أراذِلُنا } في ظاهر أمرِهم ؛ حَسَبَ ما تقدَّمَ في بعض التأويلات ، ثم قال : { إِنِّي إِذاً } لو فعلت ذلك ، { لَّمِنَ الظالمين } .