الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا} (16)

وقوله سبحانه : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } [ الإسراء : 16 ] . قرأ الجمهور : «أَمَرْنَا » على صيغة الماضي ، وعن نافع وابن كثير ، في بعض ما رُوِيَ عنهما : «آمَرْنَا » بمد الهمزة بمعنى كَثَّرنا ، وقرأ أبو عمرو بخلاف عنه : «أَمَّرْنَا » بتشديد الميم ، وهي قراءة أبي عثمان النَّهْديِّ ، وأبي العاليةِ وابن عبَّاسِ ، ورُوِيَتْ عن علي ، قال الطبري القراءة الأولى معناها : أمرناهم بالطَّاعة ، فعصَوْا وفَسَقُوا فيها ، وهو قولُ ابن عباس وابنِ جبير ، والثانية : معناها : كَثَّرناهم ، والثالثة : هي من الإِمارَةِ ، أي ملَّكناهم على الناس ، قال الثعلبي : واختار أبو عُبَيْد وأبو حاتمٍ قراءة الجمهور ، قال أبو عُبَيْد : وإِنما اخترْتُ هذه القراءة ، لأنَّ المعاني الثلاثةَ مجتمعةٌ فيها ، وهي معنى الأمْرِ والإِمارة والكثرة انتهى .

( ت ) : وعبارة ابن العربي : { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } يعني بالطاعة ، ففسقوا بالمخالَفَة انتهى من كلامه على الأفعال الواقعة في القرآن ، «والمترف » الغنيُّ من المالِ المتنعِّم ، والتُّرْفَةُ : النِّعمة ، وفي مُصْحف أبيِّ بن كعب : «قَرْيَةً بَعَثْنَا أكابِرَ مُجْرِمِيها فَمَكَرُوا فيها » .

وقوله سبحانه : { فَحَقَّ عَلَيْهَا القول } ، أي : وعيدُ اللَّه لها الذي قاله رسولهم ، «والتدميرُ » الإِهلاك مع طَمْس الآثار وهَدْمِ البناء .