الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَـٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا} (13)

وقوله سبحانه : { وَكُلَّ إنسان ألزمناه طائره } [ الإسراء : 13 ] قال ابن عباس : { طائره } ما قُدِّر له وعليه ، وخاطب اللَّه العربَ في هذه الآية بما تَعْرِف ، وذلك أنه كان مِنْ عادتها التيمُّنُ والتشاؤم بالطَّيْر في كونها سانحةً وبارحةً ، وكَثُر ذلك حتَّى فعلته بالظِّباء وحيوانِ الفَلاَ ، وسمَّت ذلك كلَّه تَطَيُّراً ، وكانتْ تعتقدُ أنَّ تلك الطِّيَرَةَ قاضية بما يلقي الإِنسان من خيرٍ وشرٍّ ، فأخبرهم اللَّه تعالى في هذه الآية بأوجز لفظٍ ، وأبلغِ إشارةٍ ، أن جميع ما يلقى الإنسانُ من خير وشر قد سَبَقَ به القضاء ، وألزم حظه وعمله وتكسُّبه في عنقه ، وذلك في قوله عزَّ وجلَّ : { وَكُلَّ إنسان ألزمناه طائره فِي عُنُقِهِ } ، فعَّبر عن الحظِّ والعمل إِذ هما متلازمانِ ، بالطائر ، قاله مجاهد وقتادة : بحسب معتقد العرب في التطيُّرِ .

{ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كتابا يلقاه مَنْشُوراً } : هذا الكتابُ هو عمل الإِنسان وخطيئاته ،