الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩} (77)

قال ابنُ العربيّ في «أحكامه » : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمَنُوا اركعوا واسجدوا } [ الحج : 77 ] .

تَقَبَّلَهَا قوم على أَنَّها سجدةُ تلاوة فسجدوها ، وقال آخرون : هو سجود الصلاة فقصروه عليه ، ورأى عمرُ وابنُه عبدُ اللّه رضي اللّه عنهما : أنها سجدةُ تلاوة ، وإنِّي لأَسجُدُها وأراها كذلك لما رَوَى ابنُ وهب ، وغيره عن مالك ، وغيره ، انتهى .

وقوله سبحانه : { وافعلوا الخير } نَدْبٌ فيما عدا الواجبات .

( ت ) : وهذه الآية الكريمةَ عَامَّةٌ في أنواع الخيرات ، ومن أعظمها الرأفةُ والشفقة على خَلْقِ اللّه ، ومُوَاساةُ الفقراء وأهلِ الحاجة ، وقد روى أبو داود والترمذيُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِماً ثَوْباً عَلَى عُرْيٍ ، كَسَاهُ اللّهُ مِنْ خُضْرِ الجَنَّةِ ، وأَيُّما مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِماً عَلَى جُوعٍ ، أَطْعَمَهُ اللّهُ مِنْ ثِمَارِ الجَنَّةِ ، وأَيُّمَا مُسْلِمٍ سقى مُسْلِماً عَلَى ظَمَإٍ ، سَقَاهُ اللّهُ مِنْ الرَّحِيقِ المَخْتُوم ) انتهى . وروى علي بن عبد العزيز البغوي في «المسند المُنْتَخَب » عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِماً ثَوْباً ، كَانَ فِي حِفْظِ اللّهِ مَا بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ رُقْعَةٌ ) وروى ابن أبي شيبة في «مسنده » عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : ( أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ ظَلَّ فِيهُمُ امرؤ جَائِعاً ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللّهِ ) انتهى . من «الكوكب الدري » .