الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المؤمنون

مكية وآياتها 118

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله سبحانه : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } [ المؤمنون : 1 و2 ] .

أخبر اللّه سبحانه عن فلاح المؤمنين ، وأنهم نالوا البُغْيَةَ ، وأحرزوا البقاءَ الدائم .

( ت ) : وعن عُمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه قال : ( كان رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ، يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحْلِ ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْماً ، فَمَكَثْنَا سَاعَةً ، وَسُرِّيَ عَنْهُ ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ ، زِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا ، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا ، وَأَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا ، وَآثِرُنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا ، وأرْضِنَا وارض عَنَّا ) ، ثُمَّ قَالَ : ( أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، ثُمَّ قَرَأَ : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } حتى ختم عشر آيات ) رواه الترمذي واللفظ له والنسائيُّ والحاكم في «المستدرك » ، وقال : صحيح الإسناد ، انتهى من «سلاح المؤمن » .

قلت : وقد نَصَّ بعض أئمتنا على وجوب الخشوع في الصلاة ، قال الغزاليُّ رحمه اللّه : ( ومِنْ مكائد الشيطان أن يَشْغَلَكَ في الصلاة بفكر الآخرة وتدبيرِ فِعْلِ الخيرات لتمتنعَ عن فَهْمِ ما تقرأه ، واعلم أَنَّ كلَّ ما أشغلك عن معاني قراءتك فهو وسواس فإنَّ حركة اللسان غيرُ مقصودة بل المقصود معانيها ) انتهى من «الإحياء » ، وروي عن مجاهد : أَنَّ اللّه تعالى لما خلق الجَنَّةَ ، وأتقن حُسْنَها قال : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ]