الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ} (73)

وقوله سبحانه : { وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } [ الحج : 73 ] . ذكر تعالى أمر سلب الذباب ، وذلك أنهم كانوا يضمخون أوثانهم بأنواع الطِّيبِ فكان الذبابُ يتسلط ويذهب بذلك الطيب ، وكانوا يتألّمُون من ذلك ، فَجُعِلَتْ مثلاً ، واخْتَلَفَ المتأوَّلُون في قوله تعالى : { ضَعُفَ الطالب والمطلوب } فقالت فرقة : أراد بالطالب : الأصنامَ ، وبالمطلوبِ : الذبابَ ، أي : أنهم ينبغي أن يكونوا طالبين لما يسلب من طيبهم على معهود الأنفة في الحيوان ، وقيل : معناه : ضَعُفَ الكُفَّارُ في طلبهم الصوابَ والفضيلةَ من جهة الأصنام ، وضَعُفَ الأصنامُ في إعطاء ذلك وإنالته .

قال ( ع ) : ويحتمل أنْ يريد : ضعف الطالب وهو الذبابُ في استلابه ما على الأصنامِ ، وضعف الأصنام في أنْ لا منعة لهم ، وبالجملة فدلتهم الآيةُ على أَنَّ الأصنام في أَحَطِّ رُتْبَةٍ ، وأَخَسِّ منزلة لو كانوا يعقلون .