البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩} (77)

ولما ذكر تعالى أنه اصطفى رسلاً من البشر إلى الخلق أمرهم بإقامة ما جاءت به الرسل من التكاليف وهو الصلاة قيل : كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود ، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع وسجود واتفقوا على مشروعية السجود في آخر آية

{ ألم تر أن الله يسجد له } وأما في هذه الآية فمذهب مالك وأبي حنيفة أنه لا يسجد فيها ، ومذهب الشافعي وأحمد أنه يسجد فيها وبه قال عمر وابنه عبد الله وعثمان وأبو الدرداء وأبو موسى وابن عباس { واعبدوا ربكم } أي افردوه بالعبادة { وافعلوا الخير } قال ابن عباس : صلة الأرحام ومكارم الأخلاق ، ويظهر في هذا الترتيب أنهم أمروا أولاً بالصلاة وهي نوع من العبادة ، وثانياً بالعبادة وهي نوع من فعل الخير ، وثالثاً بفعل الخير وهو أعم من العبادة فبدأ بخاص ثم بعام ثم بأعم .