ولما أثبت سبحانه وتعالى أنّ الملك والأمر له وحده خاطب المقبلين على دينه وهم الخلص من الناس بقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } أي : تلبسوا بالإيمان { اركعوا } تصديقاً لإيمانكم { واسجدوا } أي : صلوا الصلاة التي شرعتها لكم فإنها رأس العبادة ليكون دليلاً على صدقكم في الإقرار بالإيمان .
تنبيه : إنما خص هذين الركنين في التعبير عن الصلاة لأنهما لمخالفتهما الهيئات المعتادة هما الدالان على الخضوع ، فحسن التعبير بهما ، وذكر عن ابن عباس أنّ الناس كانوا في أوّل الإسلام يركعون ولا يسجدون ، وقيل : كان الناس أوّل ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود حتى نزلت هذه الآية ، ولما خص أفضل العبادة عمم بقوله تعالى : { واعبدوا } أي : بأنواع العبادة { ربكم } أي : المحسن إليكم بكل نعمة دينية ودنيوية ، ولما ذكر عموم العبادة أتبعها ما قد يكون أعم منها مما صورته صورتها ، أو قد يكون بلا نية ، فقال : { وافعلوا الخير } أي : كله من القرب كصلة الأرحام وعيادة المريض ونحو ذلك من معالي الأخلاق بنية وبغير نية حتى يكون لكم ذلك عادة فيخف عليكم عمله لله تعالى ؛ قال أبو حيان : بدأ تعالى بخاص وهو الصلاة ، ثم بعام وهو : واعبدوا ربكم ، ثم بأعمّ وهو : وافعلوا الخير { لعلكم تفلحون } أي : افعلوا هذا كله وأنتم راجون الفلاح وهو الفوز بالبقاء في الجنة طامعون فيه غر مستيقنين ، ولا تتكلوا على أعمالكم ، وقال الإمام أبو القاسم الأنصاريّ : لعل كلمة ترج تشعر بأنّ الإنسان قلما يخلو في أداء فريضة من تقصير ، وليس هو على يقين من أنّ الذي أتى به مقبول عند الله والعواقب مستورة وكلٌ ميسر لما خلق له .
تنبيه : اختلف في سجود التلاوة عند قراءة هذه الآية فذهب قوم إلى أنه يسجد عندها ، وهو قول عمر وعليّ وابن عمر وابن مسعود وابن عباس ، وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق لظاهر ما فيها من الأمر بالسجود وقول البيضاوي ولقوله صلى الله عليه وسلم «فضلت سورة الحج بسجدتين من لم يسجدهما فلا يقرأهما » حديث ضعيف رواه الترمذي وضعفه ، وذهب قوم إلى أنه لا يسجد وهو قول سفيان الثوري ، وقول أبي حنيفة وأصحابه ؛ لأنهم يقولون : قرن السجود بالركوع في ذلك ، فدل ذلك على أنها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.