بسم الله الرحمن الرحيم قولُه جَلَّتْ قدرته : { الم الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم }[ آل عمران :1و2 ] .
الأبْرَعُ في نَظْمِ الآيةِ أن يكون : { الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم } كلاماً مبتدأً جزماً ، جملةً رادةً على نصارَى نَجْرَانَ ، الذين وفَدُوا علَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَحَاجُّوهُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وقالوا : إِنَّهُ اللَّهُ على مَا هُوَ معلومٌ في السِّيَرِ ، فنزل فيهم صَدْر هذه السورةِ إِلى نيِّفٍ وثمانينَ آيةً منْها ، إلى أنْ دعَاهُمْ صلى الله عليه وسلم إلى الابتهال .
وقد تقدَّم تفسيرُ قوله : { الحي القيوم } في آية الكرسيِّ ، والآيةُ هناك إِخبارٌ لجميعِ الناسِ ، وكُرِّرتْ هنا إخباراً يحجّ هؤلاءِ النصارى ، ويردُّ عليهم ، إِذ هذه الصفاتُ لا يمكنهم ادعاؤها لعيسى عليه السلام ، لأنهم إِذ يقولُون : إِنه صُلِبَ ، فذلك مَوْتٌ في معتقَدِهِمْ ، وإِذْ من البيِّن أنَّه ليس بقَيُّومٍ .
وقراءة الجمهور ( القَيُّوم ) ، وقرئ خارجَ السَّبْعِ : «القَيَّامُ » ، و«القَيِّمُ » ، وهذا كلُّه مِنْ : قَامَ بالأَمْرِ يقُومُ به ، إِذا اضطلع بحفْظِهِ ، وبجميعِ ما يحتاجُ إِلَيْهِ في وُجُودِهِ ، فاللَّه تعالى القَيَّامُ على كلِّ شيءٍ ممَّا ينبغِي له ، أوْ فِيهِ ، أوْ عليه .
( ت ) : وقد تقدَّم ما نقلْناه في هذا الاِسم الشريفِ ، أنه اسمُ اللَّهِ الأعظمُ ، قال النوويُّ : ورُوِّينَا في كتابِ التِّرمذيِّ ، ( عن أَنَسٍ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنَّهُ كَانَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ ، قَالَ : ( يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ ) ، قَالَ الحاكمُ : هذا حديثٌ صحيحُ الإِسناد ، اه .
قال صاحب «سلاح المؤمن » : وعنْ عليٍّ رضي اللَّه عنه ، قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، قَاتَلْتُ شَيْئاً مِنْ قِتَالٍ ، ثمَّ جئْتُ إلى رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنْظُرُ مَا صَنَعَ فَجِئْتُ ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ : ( يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى القِتَالِ ، ثُمَّ جِئْتُ ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ ، لاَ يَزِيدُ على ذَلِكَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إلَى الْقِتَالِ ، ثُمَّ جِئْتُ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ " رواه النِّسائِيُّ ، والحاكمُ في «المستدرك » ، واللفظ للنسائِيِّ .
وعن أسماء بنتِ يَزيد رضي اللَّه عنها ، أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( اسم اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ : { وإلهكم إله واحد لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم } ، وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ : { الم الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم } . رواه أبو داود ، واللفظ له ، والترمذيُّ ، وابن ماجة ، وقال التِّرْمِذِيُّ : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
وعن أبي أُمَامَة ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : ( اسم اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي ثَلاَثِ سُوَرٍ : فِي سُورَةِ البَقَرَةِ ، وآل عِمْرَانَ ، وَطَه ) ، قال القاسِمُ : فالتمستها أنَّهُ الحَيُّ القَيُّومُ ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.