الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

وقوله : { بالحق } [ آل عمران :3 ] . يحتملُ معنيَيْنِ :

أحدهما : أنْ يكون المعنى ضُمِّنَ الحقائقَ ، في خبره وأمره ، ونهيه ، ومواعظه .

والثانِي : أنْ يكون المعنى : أنه نَزَّلَ الكتابَ باستحقاق أنْ يُنَزَّل ، لما فيه من المصلحةِ الشاملة ، وليس ذلك على أنه واجبٌ على اللَّه تعالى أنْ يفعله .

( ت ) : أي إِذْ لا يجبُ عَلَى اللَّه سبحانه فعْلٌ .

قال ( ع ) : فالباءِ ، في هذا المعنى : على حدِّ قوله : { سبحانك مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } [ المائدة : 116 ] . وقيل معنى { بالحق } : أيْ : مِمَّا اختلف فيه أهْلُ الكتابِ ، واضطرب فيه هؤلاءِ النصارَى الوافِدُونَ .

قال ( ع ) : وهذا داخلٌ في المعنى الأول .

وقوله :{ مُصَدِّقا } : حالٌ مؤكِّدة ، لأنه لا يمكن أنْ يكون غير مصدِّقٍ ، لما بين يديه من كتب اللَّه سُبْحانه ، { وما بَيْن يديه } : هي التوراةُ والإِنجيلُ ، وسائرُ كُتُبِ اللَّه التي تُلُقِّيَتْ من شرعنا .