قوله سبحانه : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أمهاتكم . . . } [ النساء :23 ] .
حُكْمٌ حرَّم اللَّه به سبعاً من النَّسَب ، وسِتًّا من بَيْنِ رضاعٍ وصهْرٍ ، وأَلْحَقَتِ السنةُ المتواترةُ سابِعَةً ، وهي الجَمْعُ بَيْنَ المرأةِ وعَمَّتها ، ومضى عليه الإجماع ، وروي عن ابْنِ عَبَّاس ، أنه قال : حُرِّمَ من النَّسَب سَبْعٌ ، ومن الصِّهْرَ سَبْعٌ ، وتلا هذه الآية . وقال عمرو بن سالم مِثْلَ ذلك ، وجعل السابعةَ قولَهُ تعالى : { وَالمُحْصَنَاتُ } .
وقوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } ، أي : سواءٌ دَخَلَ بالبنْتِ ، أو لم يَدْخُلْ ، فبالعَقْدِ علَى البنْتِ حُرِّمَتِ الأُمُّ ، هذا الذي عليه الجمهورُ .
وقوله تعالى : { وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ }[ النساء :23 ] ذَكَرَ الأغلَبَ من هذه الأمور ، إذ هذه حالةُ الرَّبِيبَةِ في الأكْثَر ، وهي محرَّمة ، وإن لم تكُنْ في الحِجْرِ ، ويقالُ : ( حِجْرٌ ) بكسر الحاء وفَتْحِها ، وهو مقدَّم ثَوْبِ الإنسان ، وما بَيْنَ يديه منه ، ثم استعملت اللفظةُ في الحِفْظِ ، والسَّتْر .
وقوله : { اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ }[ النساء :23 ]
قال ابن عبَّاس وغيره : الدخُولُ هنا الجماعُ ، وجمهورُ العلماءِ يقُولُون : إنَّ جميعَ أنواعِ التلذُّذ بالأُمِّ يُحَرِّمُ الابنةَ ، كما يحرِّمها الجماعُ ، والحلائلُ : جمعُ حَلِيلةٍ ، لأنها تَحُلُّ من الزَّوْج حيث حَلَّ ، فهي فَعِيلَةٌ بمعنى فَاعِلَةٍ ، وذهب الزَّجَّاج وقومٌ ، إلى أنَّها مِنْ لفظة «الحَلاَلِ » ، فهي حليلةٌ بمعنى مُحَلَّلَةٍ .
وقوله تعالى : { الذين مِنْ أصلابكم }[ النساء :23 ] .
يخرُج مَنْ كانَتِ العربُ تتبنَّاه مِمَّنْ ليس للصُّلْب ، وحُرِّمَتْ حليلةُ الابن مِنَ الرَّضَاعِ ، وإنْ لم يكُنْ للصُّلْب بالإِجماع المستَنِدِ إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ ) .
وقوله تعالى : { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأختين }[ النساء :23 ] .
لفظٌ يعمُّ الجمْعَ بنكاحٍ ، وبملك يمين ، وأجمعتِ الأمَّة على مَنْع جَمْعِهِمَا بنكاحٍ ، ولا خلافَ في جواز جَمْعِهِمَا بالمِلكِ ، ومذْهَبُ مالكٍ ، أنَّ له أنْ يَطَأَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ ، والكَفُّ عن الأخرى موكولٌ إلى أمانَتِهِ ، فإن أراد وطْءَ الأخرى ، فيلزمه أنْ يحرِّم فَرْجَ الأولى بعتْقٍ ، أو كتابةٍ ، أو غَيْرِ ذلك . وثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أنه نهى أنْ يُجْمَعَ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَبَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا ) ، وأجمعت الأُمَّة على ذلك .
وقوله تعالى : { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ }[ النساء :23 ] .
استثناء منقطعٌ ، معناه : لكنْ ما قد سَلَفَ من ذلك ، ووقع وأزالَهُ الإِسلام ، فإن اللَّه تعالى يغفره ، والإسلام يَجُبُّهُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.