الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ} (45)

والضميرُ في قوله : { عَلَيْهَا } عائدٌ على النار ، وإنْ لم يتقدَّم لها ذِكْرٌ من حيثُ دَلَّ عليها قوله : { رَأَوُاْ العذاب } .

وقوله : { مِنَ الذل } يتعلق ب { خاشعين } .

وقوله تعالى : { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفي } قال قتادة والسُّدِّيُّ : المعنى : يسارقون النَّظَرَ ؛ لما كانوا فيه من الهَمِّ وسوء الحال لا يستطيعون النَّظَرَ بجميعِ العَيْنِ ؛ وإنَّما ينظرون ببعضها .

قال الثعلبيُّ : قال يونس : { مِنْ } بمعنى الباء ، ينظرون بطرف خَفِيٍّ ، أي : ضعيف ؛ من أجل الذُّلِّ والخوف ، ونحوُه عن الأخفش ، انتهى ، وفي البخاريِّ { مِن طَرْفٍ خَفي } ، أي : ذليل .

وقوله تعالى : { وَقَالَ الذين آمَنُواْ إِنَّ الخاسرين الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة } الآية ، وقول { الذين آمَنُواْ } هو في يوم القيامة عند ما عاينوا حال الكفار وسوء مُنْقَلَبِهِمْ .

وقوله تعالى : { أَلاَ إِنَّ الظالمين في عَذَابٍ مُّقِيمٍ } يحتمل أنْ يكون من قول المؤمنين يومئذ ، حكاه اللَّه عنهم ، ويحتمل أَنْ يكون استئنافاً من قول اللَّه عز وجل وأخباره لنبيه محمد عليه السلام .