الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ إِن كُنتَ جِئۡتَ بِـَٔايَةٖ فَأۡتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (106)

قال الفارسيُّ : معنى هذه القراءة أنَّ «عَلَي » وضعتْ موضع الباء ، كأنه قال :{ حقيقٌ بأن } لا أقولَ على اللَّه إِلاَّ الحَقَّ .قال قوم : { حقيقٌ } صفةٌ ل( رَسُولٌ ) ، تم عندها الكلامُ ، و«عَليَّ » : خبرٌ مقدّمٌ و{ أَن لاَّ أقول } : ابتداءٌ ، وإِعراب «أَنْ » ، على قراءة مَنْ سكَّن الياء خفْضٌ ، وعلى قراءة من فتحها مشدَّدةً : رَفْعٌ ، وفي قراءة عبد اللَّه : { حَقيقٌ . . . أن لا } ، وهذه المخاطَبَةُ إِذا تأَمَّلْتَ غايةٌ في التلطُّف ، ونهايةٌ في القول الليِّن الذي أُمِرَ به عليه السلام ، وقوله : { قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إسرائيل قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين }[ الأعراف :105 و 106 ] البينة : هنا إشارةٌ إلى جميع آياته ، وهي على المُعْجزة منْها أدلُّ ، وهذا من موسى عليه السلام عَرْضُ نبوءته ، ومنْ فرعون استدعاءُ خَرْق العادة الدالِّ على الصدْقِ ، وظاهرُ هذه الآية وغيرها أنَّ موسى عليه السلام لم تَنْبَنِ شريعته إِلا على بني إسرائيل فقَطْ ، ولَمْ يَدْعُ فرعونَ وقومه إِلا إِلى إِرسال بني إِسرائيل ، وذكره :

{ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى } [ طه : 44 ] .