الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تَقۡعُدُواْ بِكُلِّ صِرَٰطٖ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبۡغُونَهَا عِوَجٗاۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ وَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (86)

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ . . . } [ الأعراف :86 ] .

قال السديُّ : هذا نهيٌ عن العَشَّارين والمتغلِّبين ونحوه مِنْ أخْذ أموال الناس بالباطِل ، و«الصِّرَاطُ » : الطريقُ ، وذلك أنهم كانوا يكثرون من هذا ، لأنه من قبيل بَخْسهم ونَقْصهم الكيلَ والوزْنَ ، وقال أبو هريرة رضي اللَّه عنه : هو نهْيٌ عن السَّلْبِ وقطْع الطرقِ ، وكان ذلك مِنْ فعلهم .

وروي في ذلك حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وما تقدَّم من الآية يؤيِّد هذين القولَيْنِ ، وقال ابنْ عَبَّاس وغيره : قوله : { وَلاَ تَقْعُدُواْ } نهيٌّ لهم عمَّا كانوا يفعلونه مِنْ رَدِّ الناس عَنْ شُعَيْب ، وذلك أنهم كانوا يَقْعُدونَ على الطُّرُقات المفضية إلى شُعَيبٍ ، فيتوعَّدون مَنْ أَراد المجيءَ إِلْيه ، ويصُدُّونه ، وما بعد هذا مِنَ الألفاظ يشبه هذا مِنَ القول ، والضميرُ في { به } يحتمل أنّ يعود على اسم اللَّه ، وأنْ يعود على شُعَيْب في قول مَنْ رأى القعودَ على الطُّرُق للرَّدِّ عن شعيب ، قال الداوديُّ : وعن مجاهد { وتَبْغُونَهَا عِوَجاً } : يلتمسون لها الزيْغَ ، انتهى .

ثم عدَّد عليهم نِعَمَ اللَّه تعالَى ، وأنه كَثَّرهم بعد قلَّةِ عددٍ .

وقيل : أغناهم بعد فَقْر ، ثم حذرهم ومثَّل لهم بمن امتحن من الأممِ .