فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{كَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِيكُمۡ رَسُولٗا مِّنكُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِنَا وَيُزَكِّيكُمۡ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ} (151)

{ يتلو } يقرأ ويتبع ويتابع . { آياتنا } جمع آية وقد يراد بها الحجة والبرهان والعلامة قيل سميت الآية من القرآن ربما لأنها علامة لانقطاع كلام من كلام أو لأن الآية من القرآن كالعلامة التي يفضى منها إلى غيرها كأعلام الطريق المنصوبة للهداية .

{ يزكيكم } يطهركم ويرفعكم { الكتاب } القرآن

{ الحكمة } السنة وقد تعني الإصابة في القول والعمل جميعا

{ كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } عن مجاهد يعني بذلك العرب قال لهم جل ثناؤه ألزموا أيها العرب طاعتي وتوجهوا إلى القبلة التي أمرتكم بالتوجه إليها لتنقطع حجة اليهود عنكم فلا تكون لهم عليكم حجة ولأتم نعمتي عليكم وتهتدوا كما ابتدأتكم بنعمتي فأرسلت فيكم رسولا إليكم منكم – وذلك الرسول الذي أرسله إليهم محمد صلى الله عليه وسلم – وقيل لأتم نعمتي ببيان الشرائع وأهديكم إلى الدين إجابة لدعوة إبراهيم حيث قال { ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا } كما أرسلنا فيكم رسولا إجابة لدعوته حيث قال { ربنا وابعث فيهم رسولا منهم } { يتلو عليكم آياتنا } – صفة { رسولا } وفيه إشارة إلى إثبات طريق إثبات نبوته عليه الصلاة والسلام لأن تلاوة الأمي الآيات الخارجة عن طوق البشر باعتبار بلاغتها واشتمالها على الإخبار بالمغيبات والمصالح التي ينتظم بها أمر المعاد والمعاش أقوى دليل على نبوته-{[529]} [ وكون القرآن متلوا من أعظم النعم لأنه معجزة باقية ولأنه يتلى فتتأدى به العبادات ولأنه يتلى فتستفاد منه . . العلوم ولأنه يتلى فيوقف على مجامع الأخلاق الحميدة ففي تلاوته خير الدنيا والآخرة ]{[530]} { ويزكيكم } ويطهركم ويؤدبكم ويسمو بكم بتربيتكم على ما يعزكم ويعلي أقداركم { ويعلمكم الكتاب } يعلمكم الرسول المصطفى محمد المبعوث إليكم بالقرآن فهو الحقيقة { والحكمة } السنة النبوية والفقه في الدين والإصابة في القول والفعل جميعا { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } فسرها الطبري بقوله : فإنه يعني ويعلمكم من أخبار الأنبياء وقصص الأمم الخالية والخبر عما هو حادث وكائن من الأمور التي لم تكن العرب تعلمها فعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم جل ثناؤه أن ذلك كله إنما يدركونه برسول الله صلى الله عليه وسلم . ا ه .


[529]:ما بين العارضتين مما أورد صاحب روح المعاني السيد الألوسي.
[530]:ما بين العلامتين [ ] نقله صاحب تفسير غرائب القرآن.. الحسن النيسابوري.