فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيۡكُمۡ حُجَّةٌ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِي وَلِأُتِمَّ نِعۡمَتِي عَلَيۡكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (150)

{ تخشوهم } تخافوهم وخشية الله تعالى طمأنينة في القلب تبعث على التوقي .

{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطرا المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة } والناس الذين احتجوا فأبطل الله تعالى حجتهم المشركون الكتابيون المنافقون ولهذا جاء في تمام الآية { إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني } مما يقول الطبري : نفى الله أن يكون لأحد حجة على النبي وأصحابه في استقبالهم الكعبة والمعنى لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة حيث قالوا : ما ولاهم ؟ وتحير محمد في دينه ، وما توجه إلى قبلتنا إلا أنا كنا أهدى منه وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن أو من يهودي أو منافق ؛ والحجة بمعنى المحاجة التي هي المخاصمة والمجادلة وسماها الله حجة وحكما بفسادها حيث كانت من ظلمة ؛ { ولأتم نعمتي عليكم } عرفتكم قبلتي قال سعيد بن جبير ولم تتم نعمة الله على عبد حتى يدخله الجنة { ولعلكم تهتدون } ولتثبتوا على الهداية ولعل من الخير أن نذكر بعض ما دلت عليه هذه الآيات المباركات – آيات تحويل القبلة – أولا - دلت الآيات على أن في أحكام الله تعالى ناسخا ومنسوخا والأمة مجمعة على ذلك إلا من شذ ، كان الحكم أولا أن يستقبلوا في صلاتهم بيت المقدس ثم نسخ هذا الحكم بوجوب استقبال الكعبة . ثانيا- من لم يبلغه الناسخ فهو متعبد بالحكم الأول فإن أهل قباء لم يزالوا يصلون إلى بيت المقدس إلى أن آتاهم من يخبرهم بالحكم الناسخ فمالوا نحو الكعبة .