{ تلك الرسل } هؤلاء الأنبياء الذين بعثناهم إلى أقوامهم بوحينا والذين قصصنا من أنبائهم -قال تلك ولم يقل ذلك مراعاة لتأنيث لفظ الجماعة وهي رفع بالابتداء و{ الرسل } نعته وخبر الابتداء بالجملة -{[782]} { وفضلنا بعضهم على بعض } منحت طائفة منهم من فضلي مع النبوة خيرا زائدا عليها { منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } من المرسلين الذين تعرفهم يا محمد -وأنت منهم- من خصه الله تعالى بكلامه وفي إيراد الاسم الجليل بطريق الالتفات{[783]} تربية للمهابة . . . { ورفع بعضهم درجات }{[784]} ربما يكون المعنى طائفة من رسلي فضلتهم بكلامي دون واسطة وطائفة فضلتهم فأعطيتهم المزيد من الكرامة ورفعة القدر ؛ في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض طيبة وطهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ، ونصرت بالرعب على العدو بين يدي مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة ){[785]} ، مما نقل عن مجاهد : كلم الله موسى وأرسل محمد إلى الناس كافة .
{ وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } أعطي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام مع النبوة الحجج والأدلة المثبتة صدق دعواه فكان يبرئ الأكمة والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله كما منحه مولانا آيات وعلامات أخر في كل منها برهانا على أن ربنا العظيم اصطفاه وارتضاه رسولا ، ومنح الإنجيل الذي بينت آياته ما فرض عليه وعلى قومه ، وأعانه الله وقواه بروح الله جبريل عليه السلام أمين الملائكة الكرام وملك الوحي ومع ذلك قد نالهم من قومهم ما ذكرناه لك بعد مشاهدة المعجزات وأنت رسول مثلهم فلا تحزن على ما ترى من قومك . . -وسبب تخصيص موسى وعيسى بالذكر هو أن أمتهما موجودون حاضرون فنبه على أن هذين الرسولين مع علو درجتهما ، وتبين معجزاتهما لم يحصل الانقياد من أمتهما لهما ، بل نازعوا وخالفوا ، وعن الواجب عليهم في طاعتهما أعرضوا ، ثم إن الرسل بعد مجيء البينات ووضوح الدلائل اختلف أقوامهم فمنهم من آمن ومنهم من كفر وبسبب ذلك الاختلاف تقاتلوا وتحاربوا فلهذا قال تعالى { ولو شاء الله } أي أن لا يقتتلوا { ما اقتتل الذين من بعدهم } لاختلافهم في الدين وتكفير بعضهم بعضا { ولكن اختلفوا فمنهم من آمن } لالتزامه دين الأنبياء { ومنهم من كفر } بإعراضه عنه { ولو شاء الله ما اقتتلوا } كرر الكلام تكذيبا لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم { ولكن الله يفعل ما يريد } وفي الآية دلالة على صحة مسألة خلق الأعمال ، ومسألة إرادة الكائنات وأن الكل بقضاء الله وقدره . . . {[786]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.