فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ} (19)

{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ { 19 ) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ { 20 ) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ { 21 ) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ { 22 ) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ { 23 ) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ { 24 ) } .

{ اختصموا في ربهم } خاصم بعضهم بعضا في دين الله تعالى .

{ الحميم } الماء الحار .

في صحيح مسلم أن أبا ذر كان يقسم قسما : إن { هذان خصمان اختصموا في ربهم } إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد ابن عتبة ؛ وفي صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إني لأول من يجثوا للخصومة بين يدي الله يوم القيامة ؛ يريد قصته في مبارزته هو وصاحباه ؛ وقال عكرمة : المراد بالخصمين الجنة والنار ؛ اختصمتا فقالت النار : خلقني لعقوبته ؛ وقالت الجنة : خلقني لرحمته ؛ أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجت الجنة والنار فقالت هذه يدخلني الجبارون والمتكبرون وقالت هذه يدخلني الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه أنت عذابي أعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها " { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } ، والفعل جاء بصيغة الماضي لأنه كالواقع المحقق ، فكأن المعنى : تقطع لهم ثياب من نار المعنى أن النار قد أحاطت بهم كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم ؛ فصارت من هذا الوجه ثيابا لأنها بالإحاطة كالثياب ؛ مثل : { وجعلنا الليل لباسا ){[2244]} ؛ { يصب من فوق رءوسهم الحميم } أي الماء الحار المغلى بنار جهنم .


[2244]:سورة النبأ الآية 10.